الإجتهاد عند الزيدية
* إسماعيل بن علي الأكوع
(اليمن)
يمكن أن يُقال إن للمذهب الزيدي مزية حميدة،
ومنقبة مشكورة، وهي فتح باب الاجتهاد لمن حذق علومه، واتقن فنونه، ولا
غرابة في ذلك ; فقد كان زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم
السلام) الذي نسب إليه هذا المذهب من كبار أئمة الاجتهاد، وله فقهه المدون
المعروف الذي لا يخرج عن نطاق ما كان عليه السلف الصالح، من الاقتصار على
العمل بكتاب اللّه وسنة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) «ففقه زيد قريب من
فقه الائمة المشهورين في وقته والمأثور من آرائه أنها لا تخرج عن آراء
فقهاء الأمصار، ومنهاجه في الاستنباط لا يبعد ايضاً عن مناهج الائمة الذين
عاصروه كأبي حنيفة وابن أبي ليلى والزهري وغيرهم من أئمة الفقه. والزيدية
يأخذون بالكتاب ثم بالسنة. ونصوص الكتاب مراتب والسنة مراتب، فإن لم يكن
كتاب ولا سنة يكون القياس، ويدخلون الاستحسان والمصالح المشتركة في القياس
ويتمسكون بفتح باب الاجتهاد ولا يقولون بالتقية ولا بعصمة الأئمة، والايمان
بصحة خلافة أبي بكر وعمر»(١).
سوى أن الزيدية خالفت أهل السنة في أمرين:
أحدهما: نزوعها في العقيدة إلى الاعتزال تبعاً لزيد بن علي الذي كان قد أخذه عن واصل بن عطاء الغزال رأس المعتزلة، حينما اجتمع به في رحلته العلمية إلى البصرة فتتلمذ في الاصول على يديه «مع اعتقاد واصل أن جده علي بن أبي طالب(عليه السلام) في حروبه التي جرت بينه وبين أصحاب الجمل وأهل الشام ما كان على يقين من الصواب، وأن أحد الفريقين منهما كان على الخطأ لا بعينه»(٢).
والأمر الآخر: الإمامة التي هي مدار اهتمام فرق الشيعة، ومحور عقائدهم السياسية، فقد كان زيد بن علي يرى أن علي بن أبي طالب(عليه السلام) أحق بها بعد وفاة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) لمكانته وقربه منه نسباً وصهراً، وأن تكون بعده في ولديه الحسن ثم الحسين(عليهم السلام) ثم في من تناسل منهما إلى يوم القيامة، «وترى الزيدية أن الإمامة فرع من النبوة ولا يجوز أن تكون إلاّ في موضع مخصوص معروف للخلق، والنبوة لا تكون إلاّ في ارفع المواضع وأشرفها. وتعلل الزيدية حق الإمامة في آل البيت بقولها: ولا أقرب إلى النبي من أولاده وذريته مع ما خصهم اللّه به من الشرف والفضل، فكانوا أحق بالإمامة من غيرهم. وإمامة علي هي زمن محتوم بالادلة التي اقتضت تعيينه بالوصف لا بالنص»(٣).
ومع هذا فانها ترى جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل، وإذا كان رأي زيد بن علي أن علياً أولى بالإمامة بعد رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وأحق بها من الخلفاء الذين سبقوه، فإنه يعتقد من باب أولى أنه أحق بها من خلفاء بني
أحدهما: نزوعها في العقيدة إلى الاعتزال تبعاً لزيد بن علي الذي كان قد أخذه عن واصل بن عطاء الغزال رأس المعتزلة، حينما اجتمع به في رحلته العلمية إلى البصرة فتتلمذ في الاصول على يديه «مع اعتقاد واصل أن جده علي بن أبي طالب(عليه السلام) في حروبه التي جرت بينه وبين أصحاب الجمل وأهل الشام ما كان على يقين من الصواب، وأن أحد الفريقين منهما كان على الخطأ لا بعينه»(٢).
والأمر الآخر: الإمامة التي هي مدار اهتمام فرق الشيعة، ومحور عقائدهم السياسية، فقد كان زيد بن علي يرى أن علي بن أبي طالب(عليه السلام) أحق بها بعد وفاة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) لمكانته وقربه منه نسباً وصهراً، وأن تكون بعده في ولديه الحسن ثم الحسين(عليهم السلام) ثم في من تناسل منهما إلى يوم القيامة، «وترى الزيدية أن الإمامة فرع من النبوة ولا يجوز أن تكون إلاّ في موضع مخصوص معروف للخلق، والنبوة لا تكون إلاّ في ارفع المواضع وأشرفها. وتعلل الزيدية حق الإمامة في آل البيت بقولها: ولا أقرب إلى النبي من أولاده وذريته مع ما خصهم اللّه به من الشرف والفضل، فكانوا أحق بالإمامة من غيرهم. وإمامة علي هي زمن محتوم بالادلة التي اقتضت تعيينه بالوصف لا بالنص»(٣).
ومع هذا فانها ترى جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل، وإذا كان رأي زيد بن علي أن علياً أولى بالإمامة بعد رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وأحق بها من الخلفاء الذين سبقوه، فإنه يعتقد من باب أولى أنه أحق بها من خلفاء بني
(١) تاريخ الفرقة الزيدية: ٣٢٩.
(٢) الملل والنحل، للشهرستاني، القسم الأول: ١٣٨.
(٣) الشيخ محمد خليل الزين، تاريخ الفرق الاسلامية: ١٧٧.
(٢) الملل والنحل، للشهرستاني، القسم الأول: ١٣٨.
(٣) الشيخ محمد خليل الزين، تاريخ الفرق الاسلامية: ١٧٧.
1
أمية الذين حولوا الخلافة إلى ملك مخصوص.
هذا وقد اشترط في الإمام الخروج على الظالم عند اعلان دعوته، وهو ما فعله
حينما أعلن الخروج على حكم هشام بن عبد الملك، وقالت الزيدية: «ليس بإمام
من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط عن الجهاد، بل الإمام من قام من آل البيت
يدعو إلى كتاب اللّه وسنة رسوله(صلى الله عليه وآله) وجاهد على ذلك فاستشهد
ومضى، وقام آخر بعده يدعو إلى ما دعى إليه حجة اللّه عزوجل على أهل كل
زمان إلى أن تنقضي الدنيا»(١).
وقد خُذل زيد من قبل أكثر اتباعه الذين اصروا عليه باعلان تبرئه من الشيخين أبي بكر وعمر، فلم يوافقهم على ذلك فرفضوا اتباعه والسير وراءه. وأما الذين تمسكوا بعقيدته في الشيخين فقالوا بقوله وحاربوا معه(٢)، وواجه بهم خصمه حتى استشهد في كناسة الكوفة في الثاني من صفر سنة ١٢٢ هـ(٣). أما الذين رفضوا اتباعه والسير وراءه فقد ذكر الطبري في تاريخه أنهم سألوه فقالو: «رحمك اللّه: ما قولك في أبي بكر وعمر ؟ قال زيد: رحمهما اللّه وغفر لهما، ما سمعت أحداً من أهل بيتي يتبرأ منهما ولا يقول فيهما إلاّ خيراً، قالوا: فلم تطلب إذن بدم أهل هذا البيت؟ إلاّ أن وثبا على سلطانكم فنزعاه من ايديكم. فقال لهم زيد: إن أشد ما أقول فيما ذكرتم أنا كنا أحق بسلطان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) من الناس أجمعين، وأن القوم استأثروا علينا، ودفعونا عنه، ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفراً، وقد ولوا فعدلوا في الناس... قالوا: فلم يظلمك هؤلاء، وإن كان اولئك لم يظلموك فلم تدعو إلى قتال قوم ليسوا لك بظالمين ؟ فقال: وإن هؤلاء ليسوا كاولئك ; إن هؤلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم ; وإنما ندعوكم إلى كتاب اللّه وسنة نبيه(صلى الله عليه وآله)،
وقد خُذل زيد من قبل أكثر اتباعه الذين اصروا عليه باعلان تبرئه من الشيخين أبي بكر وعمر، فلم يوافقهم على ذلك فرفضوا اتباعه والسير وراءه. وأما الذين تمسكوا بعقيدته في الشيخين فقالوا بقوله وحاربوا معه(٢)، وواجه بهم خصمه حتى استشهد في كناسة الكوفة في الثاني من صفر سنة ١٢٢ هـ(٣). أما الذين رفضوا اتباعه والسير وراءه فقد ذكر الطبري في تاريخه أنهم سألوه فقالو: «رحمك اللّه: ما قولك في أبي بكر وعمر ؟ قال زيد: رحمهما اللّه وغفر لهما، ما سمعت أحداً من أهل بيتي يتبرأ منهما ولا يقول فيهما إلاّ خيراً، قالوا: فلم تطلب إذن بدم أهل هذا البيت؟ إلاّ أن وثبا على سلطانكم فنزعاه من ايديكم. فقال لهم زيد: إن أشد ما أقول فيما ذكرتم أنا كنا أحق بسلطان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) من الناس أجمعين، وأن القوم استأثروا علينا، ودفعونا عنه، ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفراً، وقد ولوا فعدلوا في الناس... قالوا: فلم يظلمك هؤلاء، وإن كان اولئك لم يظلموك فلم تدعو إلى قتال قوم ليسوا لك بظالمين ؟ فقال: وإن هؤلاء ليسوا كاولئك ; إن هؤلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم ; وإنما ندعوكم إلى كتاب اللّه وسنة نبيه(صلى الله عليه وآله)،
(١) نفس المصدر: ١٧٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ٥:٣٩.
(٣) تاريخ الطبري ٤:٢٠٥، ٢٠٦، ومروج الذهب ٣: ٢١٨، والكامل في التاريخ ٥: ٨٤ ـ ٨٩، والحدائق الوردية ١: ١٤٣.
(٢) سير أعلام النبلاء ٥:٣٩.
(٣) تاريخ الطبري ٤:٢٠٥، ٢٠٦، ومروج الذهب ٣: ٢١٨، والكامل في التاريخ ٥: ٨٤ ـ ٨٩، والحدائق الوردية ١: ١٤٣.
2
وإلى السنن أن تُحيا وإلى البدع أن تُطفأ ; فإن انتم أجبتمونا سعدتم، وإن أنتم أبيتم فلست عليكم بوكيل. ففارقوه... »(١).
ولما قتل زيد بن علي وصُلب قام بالإمامة بعده يحيى بن زيد، ومضى إلى
خراسان، واجتمعت عليه جماعة كثيرة. وقد وصل إليه الخبر من الامام
الصادق(عليه السلام) بأنه قتيل كما قتل أبوه ويصلب كما صلب أبوه، فجرى عليه
الأمر كما اُخبر(٢).
ثم لم ينتظم للزيدية بعد ذلك أمر حتى ظهر في خراسان صاحبهم الناصر الاطروش سنة ٢٣٠ هـ فدعا الناس دعوة إلى الاسلام على مذهب زيد بن علي، فدانوا بذلك ونشأوا عليه، وبقي الزيدية في تلك البلاد ظاهرين. ولكنهم مالوا بعد ذلك عن القول بامامة المفضول ولا سيما بعد ظهور الدولة البويهية (٣٢٠ هـ ـ ٤٤٧ هـ).
وظهر في اليمن يحيى بن الحسين بن القاسم الرسّي الذي قدم إليها من الحجاز سنة (٢٨٤ هـ)، فدعا إلى نفسه بالإمامة، وتلقّب بالهادي. وكان عالماً مجتهداً كبيراً، أخذ الأصول ـ علم الكلام ـ عن شيخه ابي القاسم البلخي المعتزلي، وأقواله في الأصول متابعة له في الغالب. وأما في الفروع فقد استقل فيها باجتهاده، فخالف زيد بن علي في مذهبه، ولم يتقيد بأقواله التي تضمنها «مجموع الفقه الكبير» لزيد بن علي و «الجامع الكافي» لأقوال زيد بن علي، ولم يبق لمذهب زيد بن علي الأول في الأصول والفروع منهم (الزيدية) متابع(٣).
وقد عرف مذهب الهادي في اليمن بالمذهب الزيدي ; لأن الهادي واتباع مذهبه يقولون بإمامة زيد بن علي، ووجوب الخروج على الظلمة،
ثم لم ينتظم للزيدية بعد ذلك أمر حتى ظهر في خراسان صاحبهم الناصر الاطروش سنة ٢٣٠ هـ فدعا الناس دعوة إلى الاسلام على مذهب زيد بن علي، فدانوا بذلك ونشأوا عليه، وبقي الزيدية في تلك البلاد ظاهرين. ولكنهم مالوا بعد ذلك عن القول بامامة المفضول ولا سيما بعد ظهور الدولة البويهية (٣٢٠ هـ ـ ٤٤٧ هـ).
وظهر في اليمن يحيى بن الحسين بن القاسم الرسّي الذي قدم إليها من الحجاز سنة (٢٨٤ هـ)، فدعا إلى نفسه بالإمامة، وتلقّب بالهادي. وكان عالماً مجتهداً كبيراً، أخذ الأصول ـ علم الكلام ـ عن شيخه ابي القاسم البلخي المعتزلي، وأقواله في الأصول متابعة له في الغالب. وأما في الفروع فقد استقل فيها باجتهاده، فخالف زيد بن علي في مذهبه، ولم يتقيد بأقواله التي تضمنها «مجموع الفقه الكبير» لزيد بن علي و «الجامع الكافي» لأقوال زيد بن علي، ولم يبق لمذهب زيد بن علي الأول في الأصول والفروع منهم (الزيدية) متابع(٣).
وقد عرف مذهب الهادي في اليمن بالمذهب الزيدي ; لأن الهادي واتباع مذهبه يقولون بإمامة زيد بن علي، ووجوب الخروج على الظلمة،
(١) تاريخ الطبري٤:٢٠٤.
(٢) الملل والنحل، للشهرستاني: ١٣٩.
(٣) المستطاب.
(٢) الملل والنحل، للشهرستاني: ١٣٩.
(٣) المستطاب.
3
ويعتقدون فضله وزعامته، ويحصرون الإمامة فيمن قام
ودعا من أولاد الحسنين، وهو جامع لشروط الامامة المدونة في كتبهم، فمن قال
بإمامته فهو زيدي وإن لم يلتزم مذهبه في الفروع، فإن اكثر الزيدية على رأي
غيره في المسائل الاجتهادية، والمسائل النظرية، وكذلك ائمتهم كالقاسم
والهادي والناصر، فهم ينتسبون إلى زيد بن علي مع أنهم كانوا مثله في
الاجتهاد، فهم يخالفونه في كثير من المسائل(١). ويجمع مذهبهم تفضيل علي على
سائر الصحابة، وأولويته بالإمامة، وقصرها من بعد الحسنين في البطنين،
واستحقاقها إنما يثبت بالفضل والطلب لا بالوراثة، ويرون القول بالتوحيد
والعدل والوعد والوعيد كالمعتزلة(٢).
هذا ولم تكد تمر مئة عام على قدوم الامام الهادي يحيى بن الحسين إلى اليمن
حتى افترق أتباع مذهبه إلى ثلاث فرق، كما صرح بذلك الامام المهدي احمد بن
يحيى المرتضى المتوفى سنة (٨٤٠ هـ) بقوله: «وافترق متأخرو الجارودية إلى
مطرفية(٣)، وحسينية(٤)، ومخترعة(٥). ثم ذكر أن
(١) هداية الراغبين، الرحيق.
(٢) المنية والأمل:٩٦.
(٣) المطرفية: نسبة إلى مطرف بن شهاب من أعلام أواخر المئة الرابعة، وأوائل المئة الخامسة للهجرة، كانوا من شيعة الامام الهادي وأتباع مذهبه، ويعتقدون الحق في الاجتهاديات مع واحد، ولما تبين لهم أن الامام المنصور عبد اللّه بن حمزة المتوفى سنة (٦١٤هـ) قد خالف الهادي في بعض مسائل الفروع، أنكروا عليه فكان ذلك من دواعي الشقاق بينه وبينهم ، مع أنه (المنصور) القائل: «اننا نهاب نصوص الهادي كما نهاب نصوص القرآن». كما أظهروا القول بخلق العناصر الأربعة: الماء والتراب والهواء والنار، وبالافعال في ماعدا ذلك لأنهم يعتقدون أن التأثير للّه في أصول الاشياء دون فروعها. كما خالفوا الزيدية في أهم مبادئهم الأصولية وهي الامامة، فلم يشترطوا فيها النسب، وجوّزوها في جميع الناس، فاستوجب هذا الأمر أن حكم عليهم الامام عبد اللّه بن حمزة بالكفر بالالزام، وشنّ عليهم حرباً لا هوادة فيها حتى أبادهم على بكرة أبيهم، كما أتلف تراثهم وخرّب مساجدهم لأنها في نظره مساجد ضرارية.
(٤) الحسينية: نسبة إلى الحسين بن القاسم بن علي العياني، دعا إلى نفسه بالامامة سنة (٣٩٣ هـ)، وتلقب بالمهدي. وقد زعم أنه المهدي المنتظر. وله آراء ومعتقدات باطلة. احترب مع قبيلة همدان حتى قتلته سنة (٤٠٤ هـ) واعتقد اتباعه أنه حي لم يمت، ولا يموت أبداً حتى يملأ الأرض عدلاً.
(٥) المخترعة: فرقة عرفت بهذا الاسم لقولهم باختراع اللّه الأعراض في الاجسام، وأنها لا تحصل بطبائعها ـ كما تقول المطرفية ـ وكان رئيسهم في عقيدتهم علي بن شهبر من قرية «بيت اكلب» من حقل «البون» في الشمال من «الصنعاء»، وكان بينها وبين المطرفية نزاع شديد، وحروب عنيفة حتى تغلبت على يد الامام عبد اللّه بن حمزة عليها.
(٢) المنية والأمل:٩٦.
(٣) المطرفية: نسبة إلى مطرف بن شهاب من أعلام أواخر المئة الرابعة، وأوائل المئة الخامسة للهجرة، كانوا من شيعة الامام الهادي وأتباع مذهبه، ويعتقدون الحق في الاجتهاديات مع واحد، ولما تبين لهم أن الامام المنصور عبد اللّه بن حمزة المتوفى سنة (٦١٤هـ) قد خالف الهادي في بعض مسائل الفروع، أنكروا عليه فكان ذلك من دواعي الشقاق بينه وبينهم ، مع أنه (المنصور) القائل: «اننا نهاب نصوص الهادي كما نهاب نصوص القرآن». كما أظهروا القول بخلق العناصر الأربعة: الماء والتراب والهواء والنار، وبالافعال في ماعدا ذلك لأنهم يعتقدون أن التأثير للّه في أصول الاشياء دون فروعها. كما خالفوا الزيدية في أهم مبادئهم الأصولية وهي الامامة، فلم يشترطوا فيها النسب، وجوّزوها في جميع الناس، فاستوجب هذا الأمر أن حكم عليهم الامام عبد اللّه بن حمزة بالكفر بالالزام، وشنّ عليهم حرباً لا هوادة فيها حتى أبادهم على بكرة أبيهم، كما أتلف تراثهم وخرّب مساجدهم لأنها في نظره مساجد ضرارية.
(٤) الحسينية: نسبة إلى الحسين بن القاسم بن علي العياني، دعا إلى نفسه بالامامة سنة (٣٩٣ هـ)، وتلقب بالمهدي. وقد زعم أنه المهدي المنتظر. وله آراء ومعتقدات باطلة. احترب مع قبيلة همدان حتى قتلته سنة (٤٠٤ هـ) واعتقد اتباعه أنه حي لم يمت، ولا يموت أبداً حتى يملأ الأرض عدلاً.
(٥) المخترعة: فرقة عرفت بهذا الاسم لقولهم باختراع اللّه الأعراض في الاجسام، وأنها لا تحصل بطبائعها ـ كما تقول المطرفية ـ وكان رئيسهم في عقيدتهم علي بن شهبر من قرية «بيت اكلب» من حقل «البون» في الشمال من «الصنعاء»، وكان بينها وبين المطرفية نزاع شديد، وحروب عنيفة حتى تغلبت على يد الامام عبد اللّه بن حمزة عليها.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire