ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
قد
كثرت طرق رواية الحديث ورواتها حتى دخل الغث في السمين والحق في الباطل
بسبب كذب وافتراء أو غلط أو سماع متقدم منسوخ وعدم متأخر ناسخ ، فكان الصدق
شرطاً لراوي الحديث والحفظ أيضاً ، وكذلك العلم بالمتقدم والمتأخر ، فيجب
أن يكون السند عدل وخالياً من تلك المطاعن ، كما أن للمتن شروط أيضاً :
ومنها أن لا يكون (معارضاً لكتاب الله) وقد تنبهت لذلك السيدة عائشة فعندما
سمعت عمر بن الخطاب وابنه عبد الله يحدثان بحديث (أن الميت ليعذب ببكاء
أهله) حلفت أن رسول الله لم يقله واستشهدت في رفضها له بقول الله سبحانه
(ولا تزر وازرة وزر أخرى) ووصفت عمر بقولها يغفر ألله لأبي عبد الرحمن أما
إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ .. يصف الشيخ محمد الغزالي رد عائشة للحديث
أنها ردت ما يخالف القرآن بجرأة وثقة .وهذا الحديث مثبت في الصحاح (إن شئتم
البحث عنه)..
فالسند
قد يخطأ عن قصد كالمنافقين أو بغير قصد كما في هذا الحديث ، وبرأيي أن كل
الناس مهما كانوا ثقات ليسو بمعصومين من الخطأ..ولهذا كان الرجوع لكتاب
الله ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه هو الأصوب والأنسب(وأنزل معهم
الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) كما أن الحديث يؤكد أيضاً على
وجوب العرض على كتاب الله..وقد تنبه لهذه القاعدة أهل البيت عليهم السلام
عترة رسول الله ، حيث أنها لم تأت من فراغ بل أن رسول الله أكد عليها فقال
(سيكذب علي كما كذب على الأنبياء من قبلي .. فما أتاكم مني فاعرضوه على
كتاب الله فما وافقه فهو مني وأنا قلته ، وما خالفه فليس مني ولم أقله)
وهذا الحديث من روايه أهل البيت الذين وصفوهم أهل الحديث (بالسلسلة
الذهبية) ونعود أيضاً للسيدة عائشة واستشهادها بكتاب الله في رد الأحاديث
الموضوعة..فقد روى البخاري بسنده عن مسروق قال : قلت لعائشة رضي الله عنها
(( يا أمتاه هل رأى محمد ربه؟ فقالت (لقد قف شعري مما قلت .. أين أنت من
ثلاث من حدثكهن فقد كذب .. من حدثك أن محمد رأى ربه فقد كذب فقرأت (لا
تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير )(وما كان لبشر أن يكلمه
الله إلا وحياً أو من وراء حجاب))فهذه السيدة عائشة ترد ما تعارض مع كتاب
الله وتقول أنه ليس من عند رسول الله..في حديث برواية البخاري..
ثم
كيف يخالف حديث رسول الله القرآن (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) إذا كان
خلقه القرآن كما قالت عائشة ؟؟ ألا يكفي هذا لنعرف الحق؟؟..
ومن
شروط المتن أيضاً أن لا يخالف السنة المعتمدة ، وهو كذلك عن أهل السنة
فالحديث الشاذ عندهم هو (ما رواه الثقة مخالفاً به الثقة) فإذا روى الثقة
حديثاً مخالفاً به الثقة أصبح عندهم حديث مقدوح فيه على قاعدتهم هذه .. فما
بالك إذا خالف الثقة القرآن المقطوع بصحته .. هل يعتبر حديثه مقدوحاً فيه
أم لا؟؟
ومن
شروط المتن أن لا يخالف العقل الذي ميزنا الله به وأمر بإعماله والتفكر به
في مخلوقاته وآيات قرآنه فكيف بسنة نبيه؟؟ فلا يجوز أن يأتي أحد ويأمر
بإبطاله بحجة أن لا يجوز إعماله في آيات الله والصحيح من سنة رسوله
(مخالفين للآيات الكريمة التي تحض على التفكر والتـامل في آياته ومخلوقاته)
إلاّ إنكان العقل يتعارض ويتنافى مع كتاب الله وسنة نبيه!! وحاش أن يكون
ذلك وهذا لا يمكن ولا يكون ، فلم يأمرنا الله أن نتفكر ونتدبر في أيات
كتابه إلا لأنه يؤيده ويمجده ويعقله ، وكذلك مع سنة نبيه فإنه يؤيدها
ويثبتها ولا ينفي ولايتعارض إلا مع الموضوع والمكذوب منها..فلو أعملنا
عقلولنا في التدبر في آيات الله وسنة رسوله لوجدناه يوافقهما تمام الموافقة
ولا يشذ عنه إلى الموضوعات والمكذوبات من الأحاديث الحشوية الضعيفة
والمقطوعة السند أو المجهولة والغريبة التي نسبت افتراءً لرسول الله (صلى
الله عليه وعلى آله وسلم)..
*ــ
والخلاصة أن الزيدية لم يأخذوا إلا بالأقوى والأسلم والأصح من الأخبار ،
فلم يتحرى أحد عن أحاديث رسول الله(ص) سنداً ومتناً أكثر منهم..وذلك
لأهميتها فهي المصدر الثاني من مصادر التشريع فقد :
1ـ أخذوا بالمتون كونه معلوم الصحة ولا اختلاف فيه بين جميع الأمة.
2ـ أخذوا بالمتلقى بالقبول الذي أجمعت عليه الطوائف .
3ـ
قدموا قول الإمام علي على غيره من الصحابة كونه أعلمهم لما ورد فيه من
أحاديث صحيحة عند كل المذاهب فهو باب مدينة علم رسول الله(ص).
4ـ
قدموا الأحاديث الواردة عن أهل البيت كونها لا تخرج عن أحد الطرق السابقة
واستناداً إلى مكانتهم وأنهم أقرب الناس (لرسول الله) والواردة فيهم أحاديث
الصحيحة الكثيرة مثل حديث الكساء وآية التطهير والمودة وغيرها..ممن يعرفها
الجميع..
5ـ
ما اختلف فيه من أحاديث فردوه إلى قاعدة العرض على القرآن لقوله (وأنزل
معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) و كما سبق من أدلة على ذلك.
وهنا
أنقل هذا البحث الذي اخترته من شبكة الشيعة العالمية والذي يبين ضعف مسالة
اعتماد أهل السنة في تصحيح أحاديثهم على سند الحديث فقط دون عرضه على كتاب
الله أو النظر في متنه قال تعالى ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله
) وقال رسوله صلى الله عليه وآله وسلم (إنها تكون بعدي رواة يروون عني
الحديث، فأعرضوا حديثهم على القرآن، فما وافق القرآن فخذوا به، وما لم
يوافق القرآن فلا تأخذوا به) رواه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) من طريق أبي
كريب، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش عن علي بن
أبي طالب عليه السلام ، وما نتج عن عن ذلك التغافل من إشكالات وخلاف
واختلاف بين علماء الجرح والتعديل في الجرح والتعديل .. نتيجة إنكارهم
العرض على كتاب الله .
يقول الباحث :-
الحمد
لله رب العالمين وأفضل الصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا ونبينا
أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته المنتجبين الذين أذهب الله عنهم الرجس
وطهرهم تطهيراً ، ولعنة الله الدائمة على أعدائهم وظالميهم إلى قيام يوم
الدين .
يهدف
هذا الكتاب إلى معالجة مجموعة من المسائل الخلافية المهمة بين االمسلمين
الإعتقادية أو الفقهية بالبحث والتحقيق ، وحيث أنّ جملة من المسائل تتوقف
على بعض القواعد والأصول فقد كان من اللازم تقديم مقدمة تتكفل ببيانها ،
وقد حاولنا بيان بعض الموارد الأساسية فيها ، كما أنه قد نتعرض لبعض آخر
منها لاحقاً .
4 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
المبحث الأول
تقييم الاتهاماتالصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
تقييم الاتهاماتالصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 5
|
من
الأمور الواضحة أنّ من أهم مصادر معرفة وثاقة الراوي أو ضعفه كلمات أهل
الخبرة والمطلعين من علماء الجرح والتعديل الذين يمكن الاعتماد على كلامهم
بهذا الشأن ، وهذا الكلام وإن كان تاماً في الجملة ، ولكن لا يمكن قبوله
على إطلاقه لاسيما إذا قمنا بتحقيق أسباب الجرح والتعديل عند علماء السنة
المتصدين لإمامته ، فإنّ كثيراً من كلماتهم لاسيما في جرح الراوي
وتضعيفاتهم غير معتبرة ولا يمكن التعويل عليها ، وهذا الكلام قد يبدو غير
مقبول لأول وهلة ، ولكن سيتضح حاله عند البحث والتحقيق ، لاسيما بعد ملاحظة
أن كبار أئمة الجرح والتعديل أنفسهم هم الذين قرروا ذلك ونبهوا عليه
باهتمام بالغ ، وأكدوا على أن جملة وافرة من الطعون التي صدرت من جماعة
عدوهم من كبار الأئمة وأرباب علوم الرواية والدراية صدرت لأسباب واهية لا
تقتضي أدنى طعن في الراوي ، مضافاً إلى أن عدداً كبيراً لا يُستهان به من
الأئمة المعتمدين عندهم طعنوهم بالضعف وسقوط العدالة إما لأسباب لا يلزم
منها ذلك أو لأسباب أخرى يطول شرحها ، وليتضح ما نريد أن نصل إليه نبدأ
بذكر الموارد التي قرر علماء الجرح والتعديل رفضها بشأن جرح الرواة
وتضعيفهم ، فقد ذكروا لذلك الموارد التالية:الأول
: الجرحغير المفسر : ونقصد به الجرح الذي لم يبين سببه ، وقبل أن نذكر
الأسباب التيدفعتهم إلى ذلك نذكر بعض العبارات التي ذكروها بهذا الشأن :
1- قال ابن الصلاح : حكى أبو عبد الله بن مندة الحافظ أنه سمع محمد بن سعد البارودي بمصر يقول : كان مذهب أبي عبد الرحمن
6 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه . (1)
والذي
تفيده العبارة المتقدمة أن الحافظ النسائي كان لا يعتد بالجرح إلا إذا
اتفق عليه المحدثون ، وأما إذا كان مختلفاً فيه ، فلا يحكم لأجله بضعف
الراوي ، بل يعتمد عليه ، ويخرج حديثه إذا وثقه البعض ممن يعتمد عليهم
ويكون حديثه معتبراً على شرطه .
وقد
تعرض الحافظ ابن حجر العسقلاني لشرح الأسباب التي دفعتـه لذلك وأن ذلك لم
ينشأ من جهة التساهل ثم قال : وإذا تقر ر ذلك ظهر أنّ الذي يُتبادر إلى
الذهن من أنّ مذهب النسائي في الرجال مذهب متسع ليس كذلك ، فكم من رجل أخرج
له أبو داود والترمـذي تجنـب النسـائي إخــراج حـديثـه ... إلى أن قــال :
بـل تجـنب النسـائي إخراج حديث جماعة من رجال الصحيحين . (2)
2- قال
الخطيب البغدادي في الكفاية : ومذاهب النقاد غامضة دقيقة ، وربما سمع
بعضهم في الراوي أدنى مغمز فتوقف عن الاحتجاج بخبره ، وإن لم يكن الذي سمعه
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 7
|
موجباً لرد الحديث ، ولا مسقطاً للعدالة . (1)
3- قال
الحافظ ابن الصلاح في مقدمته : التعديل مقبول من غير ذكر سببه على المذهب
الصحيح المشهور ... إلى أن قال : وأما الجرح فإنه لا يقبل إلا كان مفسراً
مبين السبب ... إلى أن قال : وقد ذكر الخطيب الحافظ (2) أنه مذهب الأئمة من
حفاظ الحديث ونقاده مثل البخاري ومسلم وغيرهما ، ولذلك احتج البخاري
بجماعة سبق من غيره الجرح لهم ، كعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما ،
وكإسماعيل بن أويس ، وعاصم بن علي ، وعمرو بن مرزوق وغيرهم ، واحتج مسلم
بسويد بن سعيد وجماعة ، وهكذا فعل أبو داود السجستاني ، وذلك دال على أنهم
ذهبـوا إلى أنّ الجـرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه ، ومذاهب النقاد غامضة
مختلفة . (3)ونحو ذلك ذكر ابن حجر في هدي الساري . (4)
4- قال الحافظ ابن الملقِّن : يقبـل التعديل من غير ذكر سببه على المذهب الصحيح المشهور ، لأن أسبابه كثيرة يصعب
|
8 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
ذكرها ، ولا يقبل الجرح إلا مبين السبب ، ليُنظـر فيه أهـو جـرح أم لا ، فقـد يُظن ما ليس بجارح جارحاً. (1)وكلماتهم بهذا الشأن كثيرة جداً . (2)
ولعله
اتضح من بعض العبارات السبب الذي دفعهم إلى عدم قبول الجرح ما لم يكن مبين
السبب وهو أنه كثيراً ما يطعن في الراوي ويضعف لأسباب واهيـة جـداً لا
تستدعي في الراوي أدنى مغمز ، أو لا تقتضي رد روايته ، يقول ابن حجر في
بيان الوجه في ذلك (3) :لأن الأسباب الحاملة للأمةعلى الجرح متفاوتة منها ما يقدح ، ومنها ما لا يقدح .
وقال
ابن الصلاح (4) : لأن النـاس يختلفون فيما يـجرح وما لا يجـرح ، فيطلق
أحدهم الجرح بناءاً على أمر اعتقده جرحاً وليس بجرح في نفس الأمر
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 9
|
فلا بد من بيان سببه لينظر فيه أهو جرح أم لا .
أمثلة وتطبيقات
ولا بأس أن نذكر عدة أمثلة لبيان ما تقدم:
1- قيل لشعبة بن الحجاج وهو الذي ينسب إليه تأسيس علم الجرح والتعديل : لم تركت حديث فلان ؟ قال رأيته يركض على برذون له فتركت حديثه . (1)
1- قيل لشعبة بن الحجاج وهو الذي ينسب إليه تأسيس علم الجرح والتعديل : لم تركت حديث فلان ؟ قال رأيته يركض على برذون له فتركت حديثه . (1)
2- طعن
إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين المعروف عند السنة في أحد الرواة لأنه
سمع الحديث ممن هو أصغر منه ، يقول عبد الله بن أحمد بن حنبل : قلت لأبي :
أنّ يحيى بن معين يطعن على عامر بن صالح . قال : يقول ماذا ؟ قلت : رآه
يسمع من حجاج . قال : قد رأيت أنا حجاجاً يسمع منه هشيم ، وهذا عيب ؟ يسمع
الرجل ممن هو أصغر منه وأكبر . (2)
3- أخرج
الخطيب بإسناده عن أبي عبيدة الحداد قـال : حدثنا شعبـة يوماً عن رجل بنحو
من عشرين حديثاً ، ثم قال : أمحوها ، قلنا له : لم ؟ قال : ذكرت شيئاً
رأيته منه ، فقلنا : أخبرنا به ، أي شيء هو ؟
|
10 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
قال : رأيته على فرس يجري ملء فروجه . (1)
4- أخرج أيضاً بسنده عن شعبة قال : قلت للحكم بن عتيبة : لم ترو عن زاذان ؟ قال : كان كثير الكلام .
5- أخرج
أيضاً بسنده عن محمد بن علي الوراق قال : سألت مسلم بن إبراهيم عن حديث
لصالح المري ، فقال : ما تصنع بصالح ؟ ذكروه يوماً عند حماد بن سلمة فامتخط
حماد . (2)
وممن اتهم بأنه يجرح بما لا يقتضي ذلك الخطيب البغدادي ، يقول بشأنه ابن الجوزي في المنتظم :
... وكـان في الخطيبشيئان : أحدهما : الجـري على عادة عـوام المحدثين فتراهم يجرحون بما ليس يجرح (3) وذلك لقلة فهمهم . (4)
والشواهد على ذلك كثيرة يمكن أن يعثر عليها المتتبع فيكتب الجرح والتعديل .
... وكـان في الخطيبشيئان : أحدهما : الجـري على عادة عـوام المحدثين فتراهم يجرحون بما ليس يجرح (3) وذلك لقلة فهمهم . (4)
والشواهد على ذلك كثيرة يمكن أن يعثر عليها المتتبع فيكتب الجرح والتعديل .
ومما
تقدم يظهر أن مقتضى القاعدة عدم قبول الجرح غير المفسر، وعدم معارضته
للتعديل ، وهذه القاعدة على عمومها هي المعروفة بين علماء الحديث من أهل
السنة ومنهم البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم كما صرح عدة بذلك وهي من أهم
الأسس للقول بأن من احتج به البخاري ومسلم فلا يلتفت إلى ما قيل فيه .
|
الثاني : طعن الأقران في بعضهم :
وقـد صرحـوا أيضاً بأن طعـن الأقـران في بعضهم لا يقبل ، ولا بأس أولاً بذكر بعض العبارات بهذا الشأن ومن ثم بيان الوجه في ذلك:
1- يقول شعبة بن الحجاج : احذروا غيرة أصحاب الحديث بعضهمعلى بعض ، فلهم أشد غيرة من التيوس . (1)
1- يقول شعبة بن الحجاج : احذروا غيرة أصحاب الحديث بعضهمعلى بعض ، فلهم أشد غيرة من التيوس . (1)
2- قال
الذهبي في ترجمة أبي بكر بن أبي داود الحافظ في مقام بيان رد الطعون
الواردة بشأنه : وكذا لا يسمع قول ابن جرير (2) فيه ، فإن هؤلاء بينهم
عداوة بينة ، فقف في كلام الأقران بعضهم في بعض . (3)
أمثلة وتطبيقات
1- أبو حنيفة
النعمان بن ثابت إمام المذهب الحنفي ، الذي تعد إمامته اليوم عندأهل السنة من المسلمات ، إلا أنّ عدة من متقدمي أئمة الحديث طعنوا عليه بعدة طعونبالغة ، ومنها :
أ- ما ذكـره العقيـلي في كتـابه الضعفاء الكبير حيث قال : حدثناعبد الله بن أحمـد بن حنبل ، قـال حدثنا منصـور بن أبي مزاحـم ، قال حـدثنا مالـكبن أنس ، يقول : إنّ أبا حنيفة كاد الدين ، ومن كاد الدين فليس له دين . (1)
وهذا الخبر من الأخبار التي لا كلام فيها من جهة الإسناد ، فعبد الله بنأحمد بن حنبل من كبار الثقات والمعتمدين والأئمة المشهورين عند السنة ، ومنصور بنأبي مزاحم يقول فيه إبن حجر في التقريب : ثقة (2) ، وقال عنه يحيى بن معين : صدوق ،وقال أيضاً : تركي ثبت ، وقال أبو حاتم : صدوق ، وقال الدارقطني : ثقة ، وقالالحسين بن فهم : وكان ثقة صاحب سنة . (3)
وهذا الخبر نقله عبد الله بن أحمدأيضاً في كتاب السنة ، وفي العلل .
النعمان بن ثابت إمام المذهب الحنفي ، الذي تعد إمامته اليوم عندأهل السنة من المسلمات ، إلا أنّ عدة من متقدمي أئمة الحديث طعنوا عليه بعدة طعونبالغة ، ومنها :
أ- ما ذكـره العقيـلي في كتـابه الضعفاء الكبير حيث قال : حدثناعبد الله بن أحمـد بن حنبل ، قـال حدثنا منصـور بن أبي مزاحـم ، قال حـدثنا مالـكبن أنس ، يقول : إنّ أبا حنيفة كاد الدين ، ومن كاد الدين فليس له دين . (1)
وهذا الخبر من الأخبار التي لا كلام فيها من جهة الإسناد ، فعبد الله بنأحمد بن حنبل من كبار الثقات والمعتمدين والأئمة المشهورين عند السنة ، ومنصور بنأبي مزاحم يقول فيه إبن حجر في التقريب : ثقة (2) ، وقال عنه يحيى بن معين : صدوق ،وقال أيضاً : تركي ثبت ، وقال أبو حاتم : صدوق ، وقال الدارقطني : ثقة ، وقالالحسين بن فهم : وكان ثقة صاحب سنة . (3)
وهذا الخبر نقله عبد الله بن أحمدأيضاً في كتاب السنة ، وفي العلل .
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 19
|
بل
الذي ذكره عبد الله بن أحمـد في السنة عـن منصـور بن أبي مزاحم قال : سمعت
مالك بن أنس ذكر أبا حنيفة بكلام سوء وقال : كاد الدين ، ومن كاد الدين
فليس من الدين . (1)والكلام المتقدم واضحالدلالة بأن إمام المذهب المالكي يتهم أبا حنيفة بأنه ليس له دين .
ب- قال الحافظ إبن عدي الجرجاني في كتابه الكامـل في ضعفاء الرجال : حدثنا
ابن أبي داود ، حدثنا الربيع بن سليمانالجيزي ، عن الحارث بن مسكين عن إبن
القاسم ، قال : قال مالك : الداء العضال الهلاكفي الدين ، وأبو حنيفة
الداء العضال . (2)
وهذا الخبر أيضا من الأسانيد الذي لاكلام في وثاقة نقلتها ، فرجال السنـد هم :
1- الحافظ أبو بكر بن أبي داود ، وهووإن وقع فيه كلام ولكن وثاقته عند محدثي السنة من المسلمات ، قال فيه الذهبي : الإمام ، العلامة ، الحافظ شيخ بغداد ، أبو بكر السجستاني . وقال أيضاً : وكانمن
وهذا الخبر أيضا من الأسانيد الذي لاكلام في وثاقة نقلتها ، فرجال السنـد هم :
1- الحافظ أبو بكر بن أبي داود ، وهووإن وقع فيه كلام ولكن وثاقته عند محدثي السنة من المسلمات ، قال فيه الذهبي : الإمام ، العلامة ، الحافظ شيخ بغداد ، أبو بكر السجستاني . وقال أيضاً : وكانمن
|
20 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
بحور العلم ، بحيث أن بعضهم فضله على أبيه . (1)
2- الربيع
بين سليمان بن داود ، الجيزي ، أبو محمد الأزدي ، المصري الأعرج . قال
بشأنه ابن حجر وابن يونس وأبو بكر الخطيب : ثقة ، وقال النسائي : لا بـأس
بـه ، وقال مسلمـة بن القاسم : كـان رجلاً صالحاً ، كثير الحديث ، مأموناً ،
ثقة ، وقال أبو عمر الكندي : كان فقيهاً ديناً . (2)
3- الحارث بن مسكين ، أبو عمرو المصري ، مولى بني أميـة ،القاضي . قال بشأنـه ابن حجر في التقريب : ثقة ، فقيه، وقـال النسائي : ثقـة مأمـون
وقال أبو بكر الخطيب : كان فقيهاً على مذهب مالك، وكان ثقة في الحديث ، ثبتاً ، حمله المأمون إلى بغداد أيام المحنة وسجنه لأنه لميجب إلى القـول بخلـق القـرآن ، فلم يـزل محبـوساً إلى أن ولي جعفر المتوكل فأطلقه . (3)
وقال أبو بكر الخطيب : كان فقيهاً على مذهب مالك، وكان ثقة في الحديث ، ثبتاً ، حمله المأمون إلى بغداد أيام المحنة وسجنه لأنه لميجب إلى القـول بخلـق القـرآن ، فلم يـزل محبـوساً إلى أن ولي جعفر المتوكل فأطلقه . (3)
4- عبد الرحمن بن القاسم ، أبو عبد الله العتقي . أحد أعمدة وأركان المذهب المالكي ، ومن أبرز أصحاب مالك وتلامذته ، قال
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 21
|
فيه الذهبي : الإمام الفقيه ، وقال النسائي : ثقة ، مأمون ، أحد العلماء ، وقال ابن حجر : الفقيه ، صاحب مالك ، ثقة . (1)
ج-
قال عبد الله بن أحمد في كتاب السنة أيضاً : حدثني منصور مرة أخرى قـال :
سمعت مالكاً يقول في أبي حنيفة قولاً يخرجـه من الـدين ، وقـال : ما كاد
أبو حنيفة إلا الدين . (2)وقد اتضح مما تقدمأنّ سند الخبر صحيح لا كلام فيه عند السنة .
د-
قال العقيلي في كتابه الضعفاء الكبير : حدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا رجاء
بن السنـدي ، قال سمعت عبـد الله بن إدريس يقول : كـان أبو حنيفـة ضالاً
مضلاً ، وأبو يوسف فاسقاً من الفاسقين. (3)وعبـد
الله بن إدريـس هـو الأودي ، أبو محمـد الكـوفي ، الفقيـه الحافـظالمعروف ،
قال بشأنه إبن حجر في التقريب : ثقة ، فقيه عابد (4) ، وقال الذهبي :
الإمام ، القدوة ، الحجة ، وقال أبو حاتم : هو إمام من ائمة المسلمين حجة ،
وقال
|
22 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
يعقوب
بن شيبة : كان عابداً فاضلاً ، يسلك في كثير من فتياه ومذهبه مسلك أهل
المدينة ويخالف الكوفيين ، وكان صديقاً لمالك ، وقال أحمد بن حنبل : كان
إبن إدريس نسيج وحده . (1)والسند إليه يشتملعلى رجلين وهما :
1- محمد بن المثنى ، قال فيه الذهبي : ثقة ، متقن . (2)
2- رجاء بن السندي ، النيسابوري ، أبو محمد الإسفرايني . قال فيه إبن حجر : صدوق (3) ،وقال الحاكم : ركـن من أركـان الحديـث ، وفي أعقابـه
حفّاظ محدثون (4) .
وهذا الخبر يظهر منه أنّ الطعن لم يقف إلى حد أبي حنيفة بل تعدى أصحابه مثلأبي يوسف القاضي والذي يعد من أهم أعمدة وأركان المذهب الحنفي .
1- محمد بن المثنى ، قال فيه الذهبي : ثقة ، متقن . (2)
2- رجاء بن السندي ، النيسابوري ، أبو محمد الإسفرايني . قال فيه إبن حجر : صدوق (3) ،وقال الحاكم : ركـن من أركـان الحديـث ، وفي أعقابـه
حفّاظ محدثون (4) .
وهذا الخبر يظهر منه أنّ الطعن لم يقف إلى حد أبي حنيفة بل تعدى أصحابه مثلأبي يوسف القاضي والذي يعد من أهم أعمدة وأركان المذهب الحنفي .
هـ-
قال العقيلي : حـدثنا عبـد الله بن أحمد ، قال سألت أبي عـن أسـد بن
عمــرو وأبي يوسـف ؟ فقـال : أصحـاب أبي حنيفـة ، لا ينبـغي أن
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 23
|
يُــروي عنهـم . (1)
و-
قال الحافظ إبن عدي الجرجاني : سمعت ابن أبي داود يقول : الوقيعة في أبي
حنيفة إجماعة من العلماء ، لأن إمام البصرة أيوب السختياني وقد تكلم فيه ،
وإمام الكوفة سفيان الثوري وقد تكلم فيه ، وإمام الحجاز مالك وقد تكلم فيه ،
وإمام مصر الليث بن سعد وقد تكلم فيـه ، وإمام الشام الأوزاعي وقد تكلم
فيه ، وإمام خراسان عبد الله بن المبارك وقد تكلم فيه ، فالوقيعة فيه إجماع
من العلماء في جميع الآفاق أو كما قال . (2)
ز-
قـال إبن حبـان في مقـام بيان عـدم جـواز الاعتماد على روايات أبي حنيفة :
ومن جهة أخرى لا يجوز الاحتجاج بخبره ، لأنه كان داعياً للإرجاء ،
والداعية إلى البدع لا يجوز أن يُحتج به عند أئمتنا قاطبة ، لا أعلم بينهم
خلافاً على أنّ ائمة المسلمين وأهل الورع في الدين في جميع الأمصار وسائـر
الأقطـار جرحـوه ، وأطلقـوا عليـه القدح ، إلا الواحد بعـد الواحد . (3)
ح- ومـن عجيب ما نقلـوه عـن أبي حنيفـة مما يعكس اتهامه بالاستهانة بشخص الرسول الأعظم (ص) ما ذكره إبن حبان حيث قال :
|
24 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
أخبرنا
أحمد بن علي بن المثنى بالموصل ، قال حدثنا أبو نشيط محمد بن هارون ، قال
حدثنا محبوب بن موسى ، عن يوسف بن أسباط ، قال: قـال أبو حنيفـة : لو
أدركني رسول الله (ص) لأخذ بكثير من قولي ، وهل الـدين إلا القول الحسن .
(1)سند الخبر المذكور
رجال السند هم :
1- أحمد بن علي بن المثنى ، أبو يعلى ، الموصلي . صاحب المسند المعروف . قال بشأنـهالذهبي : الإمام الحافظ ، شيخ الإسلام (2) ، وقال إبن حبان : هو من المتقنينالمواظبين على رعاية الديـن وأسبـاب الطاعـة (3) ، والكلمات بشأنه ومقامه كثيرة .
رجال السند هم :
1- أحمد بن علي بن المثنى ، أبو يعلى ، الموصلي . صاحب المسند المعروف . قال بشأنـهالذهبي : الإمام الحافظ ، شيخ الإسلام (2) ، وقال إبن حبان : هو من المتقنينالمواظبين على رعاية الديـن وأسبـاب الطاعـة (3) ، والكلمات بشأنه ومقامه كثيرة .
2- محمد
بن هارون ، الربعي ، أبو نشيط ، المقريء . قال بشأنه إبن حجر : صدوق (4) ،
الإمام المقريء ، المجود ، الحافظ ، الثقة (5) ، وقال الدارقطني : ثقة .
(6)
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 25
|
3- محبوب بن موسى ، الأنطاكي ، أبو صالح ، الفراء . قال بشأنه العجلي : ثقة ، صاحب سنة (1) ، وقال إبن حجر : صدوق . (2)
4- يوسف بن أسباط ، قال فيه إبن معين : ثقة (3) ، وقال العجلي : ثقة صاحب سنة وخير . (4)
ط-
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثني أبي ، قال حدثنا إسحاق بن عيسى
الطباع ، عن ابن عيينة ، قال : قلت لسفيان الثوري : لعله يحملك على أن تفتي
أنك تـرى مـن ليس أهـلاً للفتـوى يفتي فتفتي ؟ قــال أبي : يعني أبا حنيفة
. (5)وليس
في السند من يحتاج إلى بيان حاله سوىإسحاق بن عيسي الطباع قال فيه ابن
حجـر : صـدوق (6) ، وقـال أبو حـاتم وصالح بنمحمد : صـدوق . (7) والبقية من
أئمة السنة المشهورين ، وفقهائهم وحفاظهم المعروفين .
|
26 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
ي- قال أبو زرعة الرازي : كان أبو حنيفة جهميا وكان محمد بن الحسن جهميا وكان أبو يوسف جهميا بين التجهم . (1)ولايخفى
أن الجهمية كان يذهب متقدموا السنة إلى كفرهم بسبب قولهم بخلق القـرآن ،
وكذلكمخالفتهم للسنة في الصفات الإلهية وغير ذلك أيضاً .
و- وقال أبو نعيم الإصبهاني بشأن أبي حنيفة : قال بخلق القرآن ، واستتيب من كلامه الرديء غير مرة ، كثير الخطأ والأوهام . (2)
ل-
ونقل الحافظ أبو القاسم اللالكائي بسنده عن علي بن المديني أثناء بيانه
لمعقتداته أنه قال : وإذا رأيت الرجل يحب أبا حنيفة ورأيه والنظر فيه فلا
تطمئن إليه وإلى من يذهب مذهبه ممن يغلو في أمره ويتخذه إماما . (3)
م-
قال أبو نعيم الإصبهاني في حلية الأولياء : حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا
عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني منصور بن أبي مزاحم قال : سمعت أبا علي
العذري
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 27
|
يقول لحماد بن زيد مات أبوحنيفة . قال : الحمد لله الذي كنس بطن الأرض به . (1)سند الخبر المتقدم
رجال السندتقدم الكلام عن بعضهم وسليمانبن أحمد هو الحافظ الطبراني صاحب المعاجم الثلاثةالمشهورة الكبير والأوسط والصغير وغيرها من المصنـفات المشهـورة ، والباقي تقـدمتتراجمهم ، وحماد بن زيد يقول بشأنه إبن حجر : ثقة ، ثبت ، فقيه . (2)
رجال السندتقدم الكلام عن بعضهم وسليمانبن أحمد هو الحافظ الطبراني صاحب المعاجم الثلاثةالمشهورة الكبير والأوسط والصغير وغيرها من المصنـفات المشهـورة ، والباقي تقـدمتتراجمهم ، وحماد بن زيد يقول بشأنه إبن حجر : ثقة ، ثبت ، فقيه . (2)
ن-
قال الحافظ أبو بكر محمد بن خلف بن حيـان الضبي القاضي المعروف بوكيع في
كتابه أخبار القضاة : حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال حدثني إسحاق
الكوسج ، وحدثني محمد بن عبدوس بن كامل ، قال حدثني سلمة بن شبيب ، قالا :
حدثنا محمد بن يوسف الفريابي ، قال : سمعت سفيان الثوري يقول لسوار: لو
نظرت لشيء من كلام أبي حنيفة وقضاياه . فقال : كيف أقبل من رجل لم يوفق في
دينه ، وقال أحدهما : لم يهده الله إلى رشد قط . (3)
|
28 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
سند الخبر المتقدم
ذكر وكيعإسنادين للخبر ، ورجال الإسناد الأول هم :
1- عبد الله بن أحمد بن حنبل ، وهوكأبيه من ائمة السنة المشهورين .
2- إسحاق بن منصـور بن بهـرام الكوسـج ، أبويعقـوب ، التميمي المروزي ، قال بشأنه إبن حجر : ثقة ، ثبت . (1)
3- محمد بنيوسف بن واقـد الضبي ، الفريابي . قال بشأنـه ابن حجر: ثقة فاضل . (2)
ذكر وكيعإسنادين للخبر ، ورجال الإسناد الأول هم :
1- عبد الله بن أحمد بن حنبل ، وهوكأبيه من ائمة السنة المشهورين .
2- إسحاق بن منصـور بن بهـرام الكوسـج ، أبويعقـوب ، التميمي المروزي ، قال بشأنه إبن حجر : ثقة ، ثبت . (1)
3- محمد بنيوسف بن واقـد الضبي ، الفريابي . قال بشأنـه ابن حجر: ثقة فاضل . (2)
ورجال السند الثاني هم :
1- محمد بن عبدوس بن كامل ، السلمي ، البغدادي ، السراج . قال بشأنه الذهبي : الحافظ ،الثبت ، المأمون . (3)
2- سلمة بن شبيب ، المسمعي ، النيسابـوري . قال بشأنـهابن حجـر :
ثقة . (4)
والثالث محمد بن يوسف الفريابي ، وقد تقدمت ترجمته فيالإسناد الأول وسفيان الثوري من ائمة وأركان السنة الذين لا يحتاجون إلى تعريفوسوار كذلك ، قال
1- محمد بن عبدوس بن كامل ، السلمي ، البغدادي ، السراج . قال بشأنه الذهبي : الحافظ ،الثبت ، المأمون . (3)
2- سلمة بن شبيب ، المسمعي ، النيسابـوري . قال بشأنـهابن حجـر :
ثقة . (4)
والثالث محمد بن يوسف الفريابي ، وقد تقدمت ترجمته فيالإسناد الأول وسفيان الثوري من ائمة وأركان السنة الذين لا يحتاجون إلى تعريفوسوار كذلك ، قال
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 29
|
بشأنه
إبن حجر : ثقة ، من العاشرة ، غلط من تكلم فيـه (1) ، وقـال بشأنـه إبن
حبـان : مـن فقهـاء أهل البصرة ومتقنيهم (2) وقـال الذهبي : الإمام ،
العلامة ، القاضي . (3)
س-
قال الحافظ ابن عبد البر الأندلسي أثناء كلامه في أبي حنيفة : فممن طعن
عليه وجرحه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري فقال في كتابه الضعفاء
والمتروكين : أبو حنيفة النعمان بن ثابت قال نعيم بن حماد حدثنا يحيى بن
سعيد ومعاذ بن معاذ ، سمعا سفيان الثوري يقول : أبو حنيفة استتيب من الكفر
مرتين ، وقال نعيم عن الفزاري : كنت عند سفيان بن عيينة فجاء نعي أبي حنيفة
، فقال : الحمد لله ، كـان يهـدم الإسلام عروة عروة ، وما ولد في الإسلام
أشر منه . (4)
ع- قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في السنة : حدثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي ، حدثنا أبو حفص التنيسي عن الأوزاعي قال :
|
30 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
ما ولد في الإسلام مولود أشر من أبي حنيفة وأبي مسلم . (1)وسند
هذا الخبر كسابقه من الأسانيد المعتبرة الصحيحةحسب قواعد الجرح والتعديل
عند السنة ، فالحسن بن عبد العزيز الجروي قال فيه ابن حجرفي التقريب : ثقة ،
ثبت ، عابد ، فاضل . (2)
وأبو حفص هو عبد الله بن يوسفالتنيسي الكلاعي ، قال فيـه ابن حجـر : ثقة ، متقن ، من أثبت الناس في الموطأ . (3)
وأما الأوزاعي فهو من كبار الأئمة المعروفين والمشهورين عند السنة ، ومقامهعندهم أوضح من أنْ يحتاج إلى بيان .
ولم يقتصر علماء الجرح والتعديل على أبيحنيفة ، بل تعدى الأمر إلى أتباعه وأركان مذهبه كأبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسنالشيباني ، وعلى سبيل المثال ، يقول إبن الجوزي في ترجمة محمد بن الحسن الشيباني فيكتابه الضعفاء والمتروكين : قال أحمد ليس بشيء ولا يُكتب حديثه ، وقال مـرة : كـذّاب ، وقـال يحيى : ليس بشيء ، وقـال النسائي : ضعيـف في الحديث . (4)
وأبو حفص هو عبد الله بن يوسفالتنيسي الكلاعي ، قال فيـه ابن حجـر : ثقة ، متقن ، من أثبت الناس في الموطأ . (3)
وأما الأوزاعي فهو من كبار الأئمة المعروفين والمشهورين عند السنة ، ومقامهعندهم أوضح من أنْ يحتاج إلى بيان .
ولم يقتصر علماء الجرح والتعديل على أبيحنيفة ، بل تعدى الأمر إلى أتباعه وأركان مذهبه كأبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسنالشيباني ، وعلى سبيل المثال ، يقول إبن الجوزي في ترجمة محمد بن الحسن الشيباني فيكتابه الضعفاء والمتروكين : قال أحمد ليس بشيء ولا يُكتب حديثه ، وقال مـرة : كـذّاب ، وقـال يحيى : ليس بشيء ، وقـال النسائي : ضعيـف في الحديث . (4)
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 31
|
وقال
البخاري في ترجمة أبي يوسف من التاريخ الكبير : يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف
القاضي ، سمع الشيباني ، وصاحبه أبو حنيفة ، تركوه . (1)وقال
الخطيب في تاريخه : أخبرنا احمد بن محمد بن غالب قالسألت أبا الحسن
الدارقطني عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة ؟ فقال : قال يحيي بنمعين :
كذاب ، وقال فيه أحمد يعني بن حنبل نحو هذا قال أبو الحسن : وعندي لا
يستحقالترك . (2)
وأحمد بن محمد بن غالب هو البرقاني أحد ائمة الجرح والتعديل عندالسنة ، وقد تقدمت ترجمته .
والكلمات بضعفه في الحديث والطعن فيه من أكثر من جهةكثير جداً في كتب التراجم وأحوال الرواة وغيرها .
وأحمد بن محمد بن غالب هو البرقاني أحد ائمة الجرح والتعديل عندالسنة ، وقد تقدمت ترجمته .
والكلمات بضعفه في الحديث والطعن فيه من أكثر من جهةكثير جداً في كتب التراجم وأحوال الرواة وغيرها .
وقد
صنف بعض المحدثين كابن حبان كتباً مستقلة في ذم أبي حنيفة ، وصنف عدة من
علماء الأحناف كتباً في رد ذلك ، ومن أبرز تلك المصنفات كتاب تأنيب الخطيب
للكوثري ، وقد رد بعضهم على كتابه ، وما قيل بشأن أبي حنيفة وأتباعه مدحاً
وذماً من الأمور التي اشتد فيها الجدل بين علماء الجرح والتعديل .وليس مـن المبالغة القـول بأن جميع الأقوال الواردة في أبيحنيفة من جهة
الجرح والتعديل وما يتصل به ومناقشته تحتاج إلى مجلد ضخم أو أكثرلكثرتها وشدة الجدل فيه .
الجرح والتعديل وما يتصل به ومناقشته تحتاج إلى مجلد ضخم أو أكثرلكثرتها وشدة الجدل فيه .
|
2- علي بن المديني
وهو
أحد أهم ائمة الحديث وأركان الرواية عند السنة ، وقد إعتمد عليه البخاري
كثيراً في صحيحه (1) ، وقال بشأنه النووي : أجمعوا على جلالته وإمامته ،
وبراعته في هذا الشأن (2) ، وتقدمه على غيره (3) .
وقال الذهبي : الشيخ ، الإمام ، الحجة ، أمير المؤمنين في الحديث (4) .
وقال
الحافظ والفقيه المعروف أبو عبيد القاسم بن سلام : إنتهى العلم يعني علم
الحديث إلى أحمد بن حنبل ، وعلي بن عبد الله ، ويحي بن معين ، وأبي بكر بن
أبي شيبة وكان أحمد أفقههم فيه ، وكان علي أعلمهم به ، وكان يحيى
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 33
|
أجمعهم له ، وكان أبو بكر أحفظهم له .(1) والكلام في علـو قدره وجلالته عندهم كثير جـداً .ومـع هـذا فقـد ضُعف ،وطعـن عليـه ، واتهم مضافا للخـدش في عقيدته بالكذب ، ولا بأس بذكر بعض تلك المواردالواردة بهذا الشأن :
أ- ذكره العقيلي في كتابه في الضعـفاء وقال : قـرأت علىعبد الله بن أحمد (2) كتاب العلل عن أبيه ، فرأيت فيه حكايات كثيرة عن علي بن عبدالله ، ثم قد ضرب على اسمه وكتب فوقه : حدثنا رجل ، ثم ضرب على الحديث كله ، فسألتعبد الله ، فقال : كان أبي حدثنا عنه ، ثم أمسك عن اسمه ، وكان يقول حدثنا رجل ، ثمترك حديثه بعد ذاك . (3)
أ- ذكره العقيلي في كتابه في الضعـفاء وقال : قـرأت علىعبد الله بن أحمد (2) كتاب العلل عن أبيه ، فرأيت فيه حكايات كثيرة عن علي بن عبدالله ، ثم قد ضرب على اسمه وكتب فوقه : حدثنا رجل ، ثم ضرب على الحديث كله ، فسألتعبد الله ، فقال : كان أبي حدثنا عنه ، ثم أمسك عن اسمه ، وكان يقول حدثنا رجل ، ثمترك حديثه بعد ذاك . (3)
ب- قال إبن حجر : وقال الأثرم : سمعت الأصمعي وهو يقول لعلي بن المديني : والله يا علي لتتركن الإسلام وراء ظهرك . (4)
ج- وقال أيضاً : وقال إبن أبي خيثمة : سمعت إبن معين يقول : كان علي بن المديني
|
34 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
إذا قدم علينا أظهر السنة ، وإذا ذهب البصرة أظهر التشيع . (1)
د-
قال الخطيب في تاريخ بغداد : أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه ،
أخبرنا عيسي بن حامد القاضي ، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد الصيدلاني ،
حدثنا أبو بكر المروزي ، قال : قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : إن علي بن
المديني يحدث عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن أنس عن عمر كلوه
إلى خالقه ؟ فقال أبو عبد الله : كذب ، حدثنا الوليد بن مسلم مرتين ما هو
هكذا إنما هو كلوه إلى عالمه . قلت لأبي عبد الله : إن عباسا العنبري قال
لما حدث به بالعسكر قلت لعلي بن المديني إنهم قد أنكروه عليه ؟ فقال حدثتكم
به بالبصرة وذكر أن الوليد أخطأ فيه . فغضب أبو عبد الله وقال : فنعم قد
علم يعني علي بن المديني أنّ الوليد أخطأ فيه فلم أراد أن يحدثهم بـه
يعطيهم الخطأ وكـذبه أبو عبـد الله . (2)
هـ-
وقال أيضاً : أخبرنا البرقاني أخبرنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي
حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرائيني أخبرنا أبو بكر المروذي قال
قلت لأبي عبد الله إن
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 35
|
علي
بن المديني حدث عن الوليد بن مسلم حديث عمـر كلـوه إلى خالقه فقال هذا كذب
ثم قال هذا كتبناه عن الوليد إنما هو فكلوه إلى عالمه هذا كذاب . (1)ورجال سند الخبر المتقدم هم :
1- أحمد بنمحمد بن أحمد بن غالب ، الخوارزمي ، النيسابوري ، أبو بكر
البرقاني ، الشافعي .
قال بشأنه الذهبي : الإمام ، العلامة ، الفقيه ، الحافظ ، الثبت ، شيخ الفقهاءوالمحدثين (2) ، وقال أبو بكر الخطيب : وكان ثقة ورعا متقنا متثبتا فهما لم ير فيشيوخنا أثبت منه حافظا للقران عارفا بالفقه له حظ من علم العربية كثير الحديث حسنالفهم لـه والبصيرة فيه (3) ، وقال أيضاً : وكان حريصا على العلم منصرف الهمة إليهوسمعته يوما يقول لرجل من الفقهاء معروف بالصلاح وقد حضر عنده : ادع الله أن ينزعشهوة الحديث من قلبي فان حبه قد غلب علي فليس لي اهتمام بالليل والنهار إلا به أونحو هذا من القول وكنت كثيراً أذاكره بالأحاديث فيكتبها عني ويضمنها جموعه . (4)
1- أحمد بنمحمد بن أحمد بن غالب ، الخوارزمي ، النيسابوري ، أبو بكر
البرقاني ، الشافعي .
قال بشأنه الذهبي : الإمام ، العلامة ، الفقيه ، الحافظ ، الثبت ، شيخ الفقهاءوالمحدثين (2) ، وقال أبو بكر الخطيب : وكان ثقة ورعا متقنا متثبتا فهما لم ير فيشيوخنا أثبت منه حافظا للقران عارفا بالفقه له حظ من علم العربية كثير الحديث حسنالفهم لـه والبصيرة فيه (3) ، وقال أيضاً : وكان حريصا على العلم منصرف الهمة إليهوسمعته يوما يقول لرجل من الفقهاء معروف بالصلاح وقد حضر عنده : ادع الله أن ينزعشهوة الحديث من قلبي فان حبه قد غلب علي فليس لي اهتمام بالليل والنهار إلا به أونحو هذا من القول وكنت كثيراً أذاكره بالأحاديث فيكتبها عني ويضمنها جموعه . (4)
|
36 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
وقال أبو القاسم الأزهـري : إمام ، إذا مات ذهب الشـأن ، وقال أبـو الوليـد
الباجي : ثقة حافظ . (1)
الباجي : ثقة حافظ . (1)
2- الحسين
بن علي التميمي ، أبو أحمد ، النيسابوري ، المعروف بـ >حسينك< ، قال
بشأنه الذهبي : الإمام الحافظ ، الأنبل ، القدوة (2) ، وقال أبو بكر
الخطيب (3) : وسمعت أبا بكر البرقاني يقول كان حسينك ثقة جليلا حجة وقال
لنا مرة أخرى سمعت منه ببغداد وكان مـن اثبت الناس وأنبلهم ، وقال الحاكم :
الغالب على سماعاته الصدق ، وهو شيخ العرب في بلدنا ، ومن ورث الثروة
القديمة ، وسلفه جلة ، صحبته حضراً وسفراً ، فما رأيته ترك قيام الليل من
نحو ثلاثين سنة . (4)
3- الحافظ
الكبير أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، النيسابوري الإسفراييني ،
صاحب المسنـد المعروف . قـال بشأنه الذهبي : الإمام الحـافظ الكبير ، وقال
الحاكم : من علماء الحديث وأثباتهم . (5)
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 37
|
4- الحافظ
المعروف أبو بكر ، أحمد بن محمد بن الحجاج ، المروزي ، صاحب أحمد بن حنبل .
قال بشأنه الذهبي : وحدث عن أحمد بن حنبل ، ولازمه ، وكان أجل أصحابه (1) ،
وقال أبو بكر الخطيب : وهو المقدم من أصحاب أحمد لورعه وفضله وكان أحمد
يأنس به وينبسط إليه وهو الذي تولى إغماضه لما مات وغسله وقد روى عنه مسائل
كثيرة وأسند عنه أحاديث صالحة . (2)
والخبر
المتقدم صريح الدلالة في اتهام إمام الحنابلة لعلي بن المديني بالكذب ،
وهو اتهام آخر يختلف عن إتهامه بأنه وقـف موقفاً خاطئاً في محنة خلق القرآن
أو غير ذلك .
إلا
أن علماء الحديث نجدهم يحملون ذلك إما على التحامل والعصبية أو من جهة ما
كان من علي بن المديني في الفتنة التي وقع فيها الخلاف حول خلق القرآن بين
المعتزلة وغيرهم ، وبعض التهم وردت لجهات أخرى يطول الكلام بذكرها ، ويقوي
احتمال أنّ ذلك صدر لتلك الأسباب أن علي بن المديني من الأئمة المعروفين
الذين تعتبر وثاقتهم من المسلمات عند السنة كالقول بوثاقة وإمامة أحمد بن
حنبل نفسه .
|
3- وقال
أيضاً : محمد بن إبراهيم بن المنذر ، الحافظ ، العلامة ، أبو بكر
النيسابوري ، صاحب التصانيف ، عدل صادق فيما علمت ، إلا ما قال فيه مسلمة
بن
|
12 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
القاسم الأندلسي : كان لا يحسن الحديث ، ونُسب إلى العقيلي أنه كان يحمل عليه وينسبه إلى الكذب . (1)إلى أنقال : ولا عبرة بقول مسلمة ، وأما العقيلي ، فكلامه من قبيل الأقران بعضهم في بعض ،مع أنه لم يذكره في كتابه الضعفاء . (2)
4- وقال
أيضاً : كلام الأقران بعضهم في بعض لا يُعبأ به ، لاسيما إذا لاح لك أنه
لعداوة أو لمذهب أو لحسد ، وما ينجو منه إلا من عصم الله ، وما علمت أنّ
عصراً سلم من ذلك أهله سوى الأنبياء والصديقين ، ولو شئت لسردت لك من ذلك
كراريس . (3)
5- وقال أيضاً في ترجمة أبي جعفر محمد بن جرير الطبري الفقيه والمفسر والمؤرخ المعروف:أقذع
أحمد بن عليالسليماني الحافظ ، فقال : كان يضع للروافض ، كذا قال
السليماني ، وهذا رجم بالظنالكاذب ، بل إبن جرير من كبار ائمة الإسلام
المعتمدين ، وما ندعي عصمته ، ولا يحللنا أن نؤذيه بالباطل والهوى ، فإن
كلام العلماء بعضهم
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 13
|
في بعض ينبغي أن يُتأنى فيه ، ولاسيما في مثل إمام كبير . (1)
6- وقال
في ترجمة الحافظ محمد بن عبد الله الحضرمي المعروف بمطين : حط عليه محمد
بن عثمان بن أبي شيبة ، وحط هو على ابن أبي شيبة ، وآل أمرهما إلى القطيعة ،
ولا يُعتد بحمد الله بكثير من كلام الأقران بعضهم في بعض . (2)
7- وقال
أيضا في مقام الذب عن الحافظ أبي الوليد هشام بن عمار السلمي ومازال
العلماء الأقران يتكلم بعضهم في بعض بحسب اجتهادهم وكـل أحـد يؤخـذ مـن
قـولـه ويتـرك إلا رسـول الله صلى الله عليـه (وآلـه) وسلم . (3)
8- وقال في ترجمة أبي إسحاق السبيعي : وقال جرير ، عن مغيرة : ما أفسد حديث أهل الكوفة غير أبي إسحاق والأعمش.قال بعد ذلك (4) : قلت : لا يسمع قول الأقران بعضهم في بعض ، وحـديث أبيإسحـاق محتـج به في دواوين الإسـلام ، ويقع لنا من عواليه .
9- وقال في مقام رد كلام الإمام مالك في محمد بن إسحاق الحافظ صاحب السيرة : وقد
|
14 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
علم
أنّ كثيراً من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر ولا عبرة به ، ولاسيما إذا
وثق الرجل جماعة يلوح على قولهم الإنصاف ، وهذان الرجلان كل منهما قد نال
صاحبه ، لكن أثر كلام مالك في محمد بعض اللين ، ولم يؤثر كلام محمد فيه ولا
ذرة ، وارتفع مالك وصار كالنجم والآخر فله ارتفاع بحسبه ، ولاسيما في
السير . (1)
10- وقد
عقد الحافظ إبن عبد البر الأندلسي في كتابه جامع بيان العلم وفضله فصلا
بذلك وقال : وكذبت عائشة إبن عمر في عدد عمر رسول الله صلى الله عليه
(وآله) وسلم ، وفي أنّ الميت يُعذّب ببكاء أهله عليه ، وقد ذكرنا ذلك في
كتاب التمهيد ، وقد كان بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم
وجلة العلماء عند الغضب كلام هو أكثر من هذا ، ولكن أهل العلم والميز لا
يلتفتون إلى ذلك ، لأنهم بشر يغضبون ويرضون ، والقول في الرضا غير القول في
الغضب . (2)
11- وأخـرج بسنـده عـن أحمـد بن صالح قال : سـألت عبـد الله بن وهب عـن عبـد الله بن يزيد بن سمعـان ؟ فقـال : ثقـة ، فقلت : إنّ مالكاً
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 15
|
يقول فيه : كذّاب ؟ فقال : لا يقبل بعضهم في بعض . (1)
12- قال
الحافظ ابن عبد البر الأندلسي : فمن أراد قبول قول العلماء الثقات بعضهم
في بعض فليقبل قول الصحابة بعضهم في بعض ، فإنْ فعل ذلك فقد ضل ضلالاً
بعيداً وخسر خُسراناً مبيناً... (2)والعبارات بهذا الشأن كثيرة جداً في كتب الجرح والتعديل .
وقد
تبين السبب من بعض الكلمات المتقدمة ، وهو أنّ الأقران كثيراً ما يفرطون
في ذم بعضهم بسبب العداوة والخلافات والحسد والغيرة بما يتجاوز الحد ، وإذا
كان هذا أمراً مألوفاً عندهم ، فمن الطبيعي حينئذ أن لا يقبل بعضهم في بعض
، وهذا القسم أجروه حتى فيما لو كان الجرح مفسراً ومبين السبب في حق
الأئمة وكبار الفقهاء والمحدثين .
الثالث
: من الموارد التي لا يقبل فيها الجرح الطعن الناشيء من التعصب بسبب
اختلاف المذهب أو الحسد أو الرأي أو العداوة أو نحو ذلك : وقد صرح بذلك
الذهبي فيما تقدم
|
16 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
من كلامه وغيره وممن صرح أيضاً السبكي في طبقات الشافعية الكبرى حيث قال:فإنك
إذا سمعت أنّ الجرح مقدم علىالتعديل ، ورأيت الجرح والتعديل ، وكنت غراً
بالأمور ، أو فدماً مقتصراً على منقولالأصول ، حسبت أنّ العمل على جرحه ،
فإياك ثم إياك ، والحذر كل الحذر من هذاالحسبان ، بل الصواب عندنا أنّ من
ثبتت إمامته وعدالته ، وكثر مادحوه ومزكوه ، وندرجارحه ، وكانت هناك قرينة
دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره ، فإنا لا نلتفتإلى الجرح فيه ،
ونعمل فيه بالعدالة ، وإلا فلو فتحنا هذا الباب أو أخذنا تقديمالجرح على
إطلاقه لما سلم لنا أحد من الأئمة ، إذْ ما من إمام إلا وقد طعن فيهطاعنون ،
وهلك فيه هالكون . (1)
وقال أيضاً:إن
الجارح لا يقبلمنه الجرح وإن فسره في حق من غلبت طاعته على معاصيه ،
ومادحوه على ذاميه ، ومزكوهعلى جارحيه ، إذا كانت قرينة يشهد العقل بأنّ
مثلها حامل على الوقيعة في الذي جرحهمن تعصب مذهبي ، أو منافسة دنيوية ،
كما يكون بين النظراء أو غير ذلك ، فنقول مثلاً : لا يلتفت إلى كلام إبن
أبي ذيب في مالك ، وابن معين في
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 17
|
الشافعي
، والنسائي في أحمد ابن صالح ، لأن هؤلاء ائمة مشهورون صار الجـرح لهم
كالآتي بخبر غريب ، لو صح لتوفرت الـدواعي على نقله ، وكـان القاطع قائماً
على كذبه . (1)
أقول
: وبغض النظر عن تعليل السبكي ، فإن الذي دفع علماء الحديث إلى تأسيس هذه
القاعدة هو صدور نسبة ضخمة جداً من الطعن في الرواة التي نشأت إما من
العداوات والحسد ونحوهما كما في طعن الأقران بعضهم في بعض ، وصدور نسبة
ضخمة بسبب الإختلاف في المذاهب ، وليتضح هذا الأمر نحتاج إلى ذكر مجموعة من
التطبيقات ، وإن كان فيها شيئ من الإطالة ، ولكن نحتاج إلى بيانها لتتضح
الأمور على حقيقتها ، ونذكر بهذا الشأن عدة من الشخصيات الكبيرة ، والذين
أقر لهم علماء السنة بالإمامة والمنزلة الرفيعة وقد طعنوا لأجل ذلك ، وبغض
النظر عن صحة بعض الطعون وعدمها ، فإن ذلك سبب القول بما ذكرناه .
|
3- الإمام الشافعي
محمد
بن إدريس ، إمام الشافعية ، ومكانته وعلو شأنه عند السنة لا يحتاج إلى
بيان ، فمذهبه كمذهب أبي حنيفة من المذاهب التي انتشرت في الآفاق ومع هذا
كلـه لم يسلم مـن الطعن من قبل علماء الحديث وأئمته ، ونذكر بعض الموارد:أ-
اتخذ منه عدة من كبار المالكية موقفاً عدائياً، ولعله بسبب أنه كان
مالكياً ومن ثم أسس مذهباً فقهياً مستقلاً عنه ، واتهموهبالتشيع ، واستندوا
في ذلك كما ينقل الذهبي إلى موافقته الشيعة في عدة مسائل فقهيةكالجهر
بالبسملة والقنوت في صلاة الصبح والتختم باليمين . (1)
ب- قال بشأنه الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي : هو ثقة ، صاحب رأي ليس عنده حديث ، وكان يتشيع .قال الذهبي بعدأن نقل ذلك عنـه : فكـان العجـلي يوهم في الإمام أبي عبد الله التشيع لقوله :
إنكان رفضاً حب آل محمد فلشهد الثقلان أني رافضي (2)
إنكان رفضاً حب آل محمد فلشهد الثقلان أني رافضي (2)
أقول : كلام العجلي واضح في محاولة النيل من الشافعي من جهتين :
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 39
|
الأولى
: أنه ليس لديه حديث ، وأنّ الغالب عليه هو الرأي ، ويتضح محاولة الغمـز
فيه من هذه الجهة بملاحظة الذم المتكـرر في كلماتهم للرأي والتأكيـد على
أهمية الحديث في قباله .
الثانية : إتهامه بأنه كان يتشيع .ج-
يحيى بن معين الـذي يعتبر أحـد أهم أعمـدة الجرح والتعديل ، إن لم يكن
إمامالجرح والتعديل على الإطلاق في زمانه عند بعض ائمة الحديث من السنة حكم
على الإمامالشافعي بأنه ليس بثقة ، وكذا طعن فيه الفقيه المحدث أبو عبيد
القاسم بن سلام (1) ،قال الحافظ إبن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله :
ومما نقم على ابن معين وعيب بهأيضاً قوله في الشافعي أنه ليس بثقة ، وقيل
لأحمد بن حنبل : أن يحيى بن معين يتكلمفي الشافعي . فقال أحمد : ومن أين
يعرف يحيى الشافعي ، وهو لا يعرف ولا يقول مايقول الشافعي أو نحو هذا ، ومن
جهل شيئاً عاداه .
إلى أن قال : وقـد صح عن إبنمعين من طـرق أنه كان يتكلم في الشافعي
إلى أن قال : وقـد صح عن إبنمعين من طـرق أنه كان يتكلم في الشافعي
|
40 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
على ما قدمت لك حتى نهاه أحمد بن حنبل ، وقال له : لم تر عيناك قط مثل الشافعي . (1)
د-
أشهب بن عبد العزيز أحد أبرز أصحاب مالك ، ومن أركان المذهب المالكي
المعروفين ، وكان ممن لقي الشافعي ، كان يدعو عليه بالموت يقول الذهبي :
وعن ابن عبد الحكم قال سمعت أشهب يدعو في سجوده على الشافعي بالموت فمات
والله الشافعي في رجب سنة أربع ومات أشهب بعده بثمانية عشر يوما واشترى من
تركـة الشافعي عبـدا اشتريته أنا مـن تركـة أشهب . (2)
|
4- الحاكم النيسابوري
أبو
عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ الكبير صاحب كتاب المستدرك على الصحيحين
، وهو أيضاً من أحد أبرز محدثي السنة وكبار أئمتهم ، قال بشأنه الذهبي :
الإمام ، الحافظ ، الناقد ، العلامة ، شيخ المحدثين (1) ، وقـال السبكي (2)
: كان إماماً جليلاً ، وحافظاً حفيلاً ، اتفق على إمامته وجلالته وعِظَمِ
قـدره ، وقـال أيضاً : ورُحـل إليه من البـلاد ، لسعـة علمه ، وروايته ،
واتفاق العلماء على أنه من أعلم الأئمة الذين حفِظَ الله بهم هذا الدين .
(3)
وقال الحافظ عبد الغافر الفارسي : إمام أهل الحديث في عصره ، والعارف به حق معرفته . (4)
|
42 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
وقال
أيضاً : وسمعت مشايخنا يذكرون أيامه ، ويحكون أنّ مقدمي عصره مثل الإمام
أبي سهل الصعلوكي ، والإمام إبن فورك ، وسائر الأئمة يقدمونه على أنفسهم ،
ويراعون حق فضله ، ويوفون له الحرمة الأكيدة ، بسبب تفرده بحفظه ومعرفته .
(1)
وقال
الحافظ أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي (2) : أول من اشتهر بحفظ الحديث
وعلله بنيسابور بعد الإمام مسلم بن الحجاج إبراهيم بن أبي طالب ، وكان
يقابله النسائي ، وجعفر الفريابي ، ثم أبو حامد بن الشرقي وكان يقابله أبو
بكر بن زياد النيسابوري ، وأبو العباس بن سعيد ، ثم أبو علي الحافظ ، وكان
يقابله أبو أحمد العسّال ، وإبراهيم بن حمزة ، ثم الشيخان أبو الحسين بن
الحجاج وأبو أحمد الحاكم ، وكان يقابلهما في عصرهما إبن عدي ، وابن المظفر ،
والدارقطني ، وتفرّد الحاكم أبو عبد الله في عصرنا من غير أن يُقابله أحـد
بالحجاز والشام والعراقيـن والجبال والري وطبرستان وخـراسان بأسرها وما
وراء النهر .
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 43
|
ومع هذا فقد طعن عليه من عدة جهات وهي:أ-
التشيع ، وقد اتهمه بذلك أبو بكر الخطيب في تاريخه حيث قال : وكان
ابنالبيع يميل إلى التشيع فحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأرموي
بنيسابور وكانشيخا صالحا فاضلا عالما قال : جمع الحاكم أبو عبد الله أحاديث
زعم أنها صحاح عليشرط البخاري ومسلم يلزمهما إخراجها في صحيحيهما منها
الحـديث الطائر ، ومن كنتمـولاه فعلي مولاه فأنكـر عليـه أصحاب الحديث ذلك
ولم يلتفتوا فيه إلى قوله ولاصوبوه في فعله . (1)
ب-
الرفض على حد اصطلاحهم ، وقد اتهمه بذلك أبو إسماعيل الأنصاري حيث قال :
ثقة في الحديث ، رافضي خبيث ، وقال بشأنه إبن طاهر المقـدسي : كان شديد
التعصب للشيعة في الباطن ، وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة ، وكان
منحرفاً غالياً عن معاوية
|
44 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
وأهل بيتـه ، يتظاهر به ولا يعتـذر به . (1)
ج-
انحرافه عن معاوية ، وقد نسبه إليه إبن طاهر المقدسي ، ونقله أيضاً السبكي
حيث قال : ... فسمعت أبا الفتح إبن سمكويه بهراة يقول : سمعت عبد الواحد
المليحي يقول : سمعت أبا عبد الرحمن السّلمي يقول : دخلت على أبي عبد الله
الحاكم وهو في داره لا يمكنه الخروج إلى المسجد ، من أصحاب أبي عبد الله بن
كرَّام ، وذلك أنهم كسروا منبره ، ومنعوه من الخروج فقلت له : لو أخرجت
وأمليت في فضائل هذا الرجل حديثاً لاسترحت من هذه الفتنة . فقال : لا يجيء
من قلبي ، يعني معاوية . (2)
وتهمته بالتشيع وكذا الرفض على حد تعبيرهم لاشك في بطلانها وعدم صحتها وذلك (3) :أولاً
: لأن المعروف من حالالحاكم أنه من السنة وأعلامهم ، بل ومن كبار أئمتهم
وقد وصفه عدة منهم أنه كان أعلمأهل الحديث في الدنيا في عصره ، وليس
بالإمكان أن ينسب إليه ذلك إلا بدليل ظاهر أوأن يطلعوا
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 45
|
على
حقيقة ما في قلبه ، وهذا الأمر مما لا سبيل إليه ، ومن هنا فقد دافع
السبكي عنه بعد أن بين ظاهر ما عليه من إتباع مذهب السنة وأنه في الاعتقاد
من الأشاعرة بأنه لا يقبل بعد ما عليه من الظاهر أن ينسب إليه ذلك لامتناع
الإطلاع على الباطن ، ومن جملة ما ذكره في الرد على ابن طاهر المقدسي قوله :
ثم أنى له إطلاع على باطن الحاكم حتى يقضي عليه بأنه كان يتعصب للشيعة
باطناً . (1)
ثانياً : عمدة ما يمكن أن يستدل به على تشيع الحاكم أو كونه رافضياً حسب تعبيرهم كما هو زعم أبي إسماعيل الأنصاري هو مصنفاته ، وهي :
1- كتاب المستدرك على الصحيحين .
2- تصنيفـه كتاباً فيمناقب سيـدة نساء العالمين الصديقـة الكبرى فاطمـة الزهراء عليها الصلاة والسلام . (2)
3- تصنيفه كتاباً جمع فيه طرق حديث الغدير ، حسب ما يستفاد من بعض عباراتهفي كتاب معرفة علوم الحديث . (3)
1- كتاب المستدرك على الصحيحين .
2- تصنيفـه كتاباً فيمناقب سيـدة نساء العالمين الصديقـة الكبرى فاطمـة الزهراء عليها الصلاة والسلام . (2)
3- تصنيفه كتاباً جمع فيه طرق حديث الغدير ، حسب ما يستفاد من بعض عباراتهفي كتاب معرفة علوم الحديث . (3)
أما بالنسبـة لروايات المستـدرك على الصحيحين فلا تقتضي ما ذكروه لعدة جهات :
|
46 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
الأولى : أنه لم ينفرد بنقلها ، بل أوردها غيره من الحفاظ بنفس المتن والإسناد .
الثانية
: أنه لم يقتصر على ذكر الروايات في فضائل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام
، بل نقل روايات كثيرة في مناقب الخلفاء الثلاثة وفي مناقب عائشة وغيرهم
وفي نفس الوقت نقل مناقب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام أيضاً ولا
أعتقد أنّ أحداً يدعي أن من شروط التسنن هو أن يكون حاقداً على أمير
المؤمنين عليه السلام ولديه نية الغض من مناقبه وفضائله ، وإذا كان
متساهلاً بشأن ما روي في حق العترة الطاهرة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
، فقد كان أيضاً متساهلاً في روايات غيرهم ، وقد حكم الذهبي بضعـف ووهـن
عـدة من الروايـات التي أوردهـا في مناقب الخلفاء الثـلاثـة وغيرهم كما لا
يخفى على من راجع تلخيص المستدرك .
وهذا
لا فرق فيه بين تخريج أحاديث المستدرك حتى بالنسبة لحديثي الطير والغدير
الذين نقلهما عدد كبير من الحفاظ في كتبهم وأفرد لهما بعضهم كتب مستقله
وبين نقل غيره لتلك الأحاديث ونظائرها ، على أن حديث الغدير كما سيأتي
إنشاء الله تعالى ذهب بعض علماء السنة إلى تواتره ، وحـديث الطـير ذهب
بعضهم
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 47
|
على الأقـل أنه حديث حسن من جهة الإسناد . (1)
وأما
بالنسبـة لتصنيفه كتاباً في مناقب سيـدة نسـاء العالمين (ع) فمـا وجه
دلالته على التشيع إذا كان يقول بمناقب عائشة وغيرها ، وهل يطلب أن يكون
الإنسان غير مقر بمناقبها (ع) حتى يكون من أهل السنة ، ثم إن عددا كبيراً
من محدثي السنة صنفوا في فضائلها عليها الصلاة والسلام منهم الحافظ أبي حفص
بن شاهين والحافظ جلال الدين السيوطي وغيرهما .
وأما بالنسبة لتصنيفه كتاباً في حديث الغدير ، فبعد كون الحديث معتبراً أو
|
48 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
متواتراً
عند عدد كبير من الحفاظ (1) ، فما هو وجه الدلالة فيه على التشيع خصوصا
إذا كان الدافع هو دافع علمي بحت وهو جمع الطرق بعد كثرتها وتفرقها كما فعل
ذلك الذهبي (2) حيث صنف كتاباً مستقلاً بهذا الشأن ، وكذا الحافظ أبو جعفر
بن جـرير الطبري والحافظ العراقي صاحب ألفيـة الحـديث المشهورة والحافظ
الدارقطني وغيرهم .
وأما بالنسبة لانحرافه عن معاوية وعدم الإقرار له بشيء من الفضائل والمناقب ،
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 49
|
فقد وافقه على عدم صحة شيء مما أورده في مناقبه عدة من كبار محدثي السنة ، ولا بأس بذكر كلمات بعضهم :
1- قالالحافظ إبن حجر في فتح الباري : وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة ، لكن ليسفيها ما يصح من طريق الإسناد ، وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما . (1)
2- يقـول الحافـظ الكبير إسحاق بن راهـويه : لا يصـح عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في فضل معاوية بن أبي سفيان شيء . (2)
3- يقول ابن تيميـة في منهاجالسنة النبوية : وطائفة وضعوا لمعاوية فضائل ورووا أحـاديث عـن النبي صلى اللهعليـه (وآله) وسلـم في ذلـك كلهـا كذب . (3)
1- قالالحافظ إبن حجر في فتح الباري : وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة ، لكن ليسفيها ما يصح من طريق الإسناد ، وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما . (1)
2- يقـول الحافـظ الكبير إسحاق بن راهـويه : لا يصـح عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في فضل معاوية بن أبي سفيان شيء . (2)
3- يقول ابن تيميـة في منهاجالسنة النبوية : وطائفة وضعوا لمعاوية فضائل ورووا أحـاديث عـن النبي صلى اللهعليـه (وآله) وسلـم في ذلـك كلهـا كذب . (3)
ولم يصح عن النبي (ص) إلا الذم كما سيأتي عند التعرض للعبارات القادحة في الحافظ النسائي إنشاء الله تعالى .
|
50 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
وبما تقدم يتضح أن عـدم الاعـتراف بمناقب معـاوية وفضائله لم ينفـرد به
الحاكم ، بل شاركه عدة من فقهاء السنةوحفاظهم ، بل إلى ذلك ذهب البخاري في صحيحه ، ولهذا لم يقل في صحيحه مناقب معاويةعلى العادة عند التعرض للصحابة ، بل قال باب ذكر معاوية ، يقول العيني في عمدةالقاري : فإن قلت : ورد في فضيلته أحاديث كثيرة . قلت : نعم ، ولكن ليس فيها حديثيصح من طريق الإسناد ، نص عليه إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما ، فلذلك قال (1) : ذكر معاوية ، ولم يقل فضيله ولا منقبة . (2)
هذا خلاصة الكلام بشأن الحاكم ، وقدإستوعبنا تفصيلـه في كتـاب شرح أسانيد الغدير .
الحاكم ، بل شاركه عدة من فقهاء السنةوحفاظهم ، بل إلى ذلك ذهب البخاري في صحيحه ، ولهذا لم يقل في صحيحه مناقب معاويةعلى العادة عند التعرض للصحابة ، بل قال باب ذكر معاوية ، يقول العيني في عمدةالقاري : فإن قلت : ورد في فضيلته أحاديث كثيرة . قلت : نعم ، ولكن ليس فيها حديثيصح من طريق الإسناد ، نص عليه إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما ، فلذلك قال (1) : ذكر معاوية ، ولم يقل فضيله ولا منقبة . (2)
هذا خلاصة الكلام بشأن الحاكم ، وقدإستوعبنا تفصيلـه في كتـاب شرح أسانيد الغدير .
|
5- شريك بن عبد الله النخعي
القاضي
، أحد الأئمة المعتمدين عند السنة ، قال بشأنه الذهبي : أحد الأئمـة
الأعـلام ، وقـال أيضاً : حسن الحديث ، إماماً فقيـهاً ، ومحـدثاً مكثـراً
(1) .
وقال
الطبري : كان فقيهاً ، عالماً (2) ، وقال العجلي : ثقة ، وكان حسن الحديث
(3) ، وقال عيسي بن يونس : ما رأيت أحداً قط أورع في علمه من شريـك ، وقـال
ابـن المبـارك : شـريـك أعلـم بحـديث الكـوفيين من سفيـان الثوري (4) ،
والكلمات في مدحه وفقاهته كثيرة جداً وبخصوص عقيدته قال فيه أحمد بن حنبل :
كان عاقلاً صدوقاً ، محدثاً ، وكان شديداً على أهل الريب والبدع (5) ،
وقال إبن حجر في التقريب : وكان عادلاً ، فاضلاً ، عابداً ، شديداً على أهل
البدع (6) ، وقال إبن حبان : وكان من الفقهاء والمـذكورين من العلماء
الذين واظبوا على العلم ووقفوا أنفسهم عليه وكان يهم في الأحايين إذا حدث
من غير كتابه . (7)
ومع هذا اتهموه بعدة اتهامات ، وهي :
1- التشيع .
2- الرفض .
3- الحط على أبي بكر وعمر.
1- التشيع .
2- الرفض .
3- الحط على أبي بكر وعمر.
|
52 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
4- التدليس .
5- ضعف الحفظ .
ومناقشة ما قيل بشأنه مما يطول به المقام ، وقد بسطنا الكلام فيه في كتاب شرحأسانيد الغدير ، ولكن نكتفي هنا ببيان التهم الموجهة إليه بشأن التشيع والرفض حسباصطلاحهم ، ولا كلام بين أئمة الجرح والتعديل كالذهبي وابن حجر وغيرهم أنه من ائمةالسنة ، وقد تقدم كلام أحمد بن حنبل في عقيدته ، وأنه بنظره كان شديداً على أهلالبدع والريب ، فلا يكون مبتدعا في نظره ، خصوصاً وتلك التهم في نظرهم تدخله فيالمبتدعة حسب قواعدهم ، ورغم ما اتهم به ، إلا أنه لم يعبأ علماء الدراية بهذهالعبارات فيه ، وذلك بعد النظر في الأسباب التي رمي لأجلها بذلك ، فإن عمدة تلكالأسباب كانت عبارة عن التحامل والضغائن الشخصية ، ولم تكن من جهة ميله لشيعة أهلالبيت (ع) أو خروجه من مذهب السنة أو إنكاره لضروري من ضرورياتهم أو أصل من أصولهمالمسلمة ، بل كان ظاهر حاله هو الشدة على غيرهم ، كما يظهر من عبارة أحمد بن حنبلوغيره ، مضافاً لكونه من فقهائهم المشهورين وعلمائهم المعروفين ، وبين يديك بعضالنصوص التي تبين لك بعض أسباب الاتهام له بالتشيع أو الرفض على حد تعبيرهم :
5- ضعف الحفظ .
ومناقشة ما قيل بشأنه مما يطول به المقام ، وقد بسطنا الكلام فيه في كتاب شرحأسانيد الغدير ، ولكن نكتفي هنا ببيان التهم الموجهة إليه بشأن التشيع والرفض حسباصطلاحهم ، ولا كلام بين أئمة الجرح والتعديل كالذهبي وابن حجر وغيرهم أنه من ائمةالسنة ، وقد تقدم كلام أحمد بن حنبل في عقيدته ، وأنه بنظره كان شديداً على أهلالبدع والريب ، فلا يكون مبتدعا في نظره ، خصوصاً وتلك التهم في نظرهم تدخله فيالمبتدعة حسب قواعدهم ، ورغم ما اتهم به ، إلا أنه لم يعبأ علماء الدراية بهذهالعبارات فيه ، وذلك بعد النظر في الأسباب التي رمي لأجلها بذلك ، فإن عمدة تلكالأسباب كانت عبارة عن التحامل والضغائن الشخصية ، ولم تكن من جهة ميله لشيعة أهلالبيت (ع) أو خروجه من مذهب السنة أو إنكاره لضروري من ضرورياتهم أو أصل من أصولهمالمسلمة ، بل كان ظاهر حاله هو الشدة على غيرهم ، كما يظهر من عبارة أحمد بن حنبلوغيره ، مضافاً لكونه من فقهائهم المشهورين وعلمائهم المعروفين ، وبين يديك بعضالنصوص التي تبين لك بعض أسباب الاتهام له بالتشيع أو الرفض على حد تعبيرهم :
1- قال
الخطيب في تاريخه : أخبرنا علي بن محمد بن حبيب البصري ، حدثنا محمد بن
المعلى الأزدي بالبصرة ، أخبرنا أبو روق الهزاني ، حدثنا الرياشي ، حدثنا
محمد بن
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 53
|
العباس
السعدي ، حدثنـا عبد الله بن إسحـاق قـال : كان شريك بن عبد الله على قضاء
الكوفة فحكم على وكيل عبد الله بن مصعب بحكم لم يوافق هوى عبد الله فالتقى
شريك بن عبد الله وعبد الله بن مصعب ببغداد فقال عبد الله بن مصعب لشريك :
ما حكمت على وكيلي بالحق ، قال : ومن أنت ؟ قال : من لا تنكر . قال : فقد
نكرتك أشد النكير قال أنا عبد الله بن مصعب . قال : لا كثير ولا طيب ، قال :
وكيف لا تقول هذا وأنت تبغض الشيخين قال ومن الشيخان ؟ قال أبو بكـر وعمـر
. قـال : والله ما ابغض أباك وهـو دونهما فكيف أبغضهما . (1)
2- وقال
أيضاً : حدثني الصوري ، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر التجيبي أخبرنا أبو سعيد
أحمد بن محمد بن زياد ، حدثنا علي بن سهل ، حدثنا أزهر بن عمير ، قال :
إستأذن شريك على يحيي بن خالد وعنده رجل من ولد الزبير بن العوام فقال
الزبيري ليحيي بن خالد أصلح الله الأمير إيذن لي في كلام شريك . فقال : إنك
لا تطيقه . قال : إيذن لي في كلامه . قال : شأنك ، فلما دخل شريك وجلس قال
له الزبيري : يا أبا عبد الله إن الناس يزعمون انك تسب أبا بكر وعمر . قال
: فأطرق مليا ، ثم رفع رأسه فقال : والله ما
|
54 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
استحللت ذاك من أبيك وكان أول من نكث في الإسلام كيف أستحله من أبي بكر وعمر . (1)
3- وقال
وكيع في أخبار القضاة : أخبرني طلحة بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل
التيمي ، قال حدثني أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود ، قـال : تناظر عبد
الله بن مصعب وشريك بين يدي المهدي ، فلم يدرك شريكاً لتبحره فقال عبد
الله : مثل هذا يطأ بساط أمير المؤمنين ؟ قال شريك : فمن يطأ بساط أمير
المؤمنين ، والله إني لقاريء للقرآن عالم به ، وبالتغيير ، راوية للحديث
والفقه ، وإني لرجل من العرب متوسط في قوس . فقال عبد الله : إنك تشتم أبا
بكر وعمر . فقال شريك : والله ما استحللت ذلك من الزبير ، فكيف أستحله من
أبي بكر وعمر . (2)
4- قال
وكيع في أخبار القضاة أيضاً : حدثني محمد بن حمزة العلوي ، قال حدثني أبو
عثمان المازني ، قال : حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي ، قال حدثني
شريك بن عبد الله ، قال : سعى بي الربيع إلى المهدي وزعم أني رافضي ، قال
فأرسل إلى تأخذّت أخذاً عنيفاً وعلي كمه لاطئة وكساء أبيض وخفان ، فدخلت
عليه فسلمت ، فقال : لا سلم الله عليك . قلت : يا أمير المؤمنين إن الله
يقول : ( وَإِذا حُيّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيّوا
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 55
|
بِأَحْسَنَ
مِنْها أَوْ رُدّوها ) ، فوالله ما حييتني بأحسن مـن تحيتي ولا رددتها علي
، قال : ألم أوطيء الرجال عقبيك ، وأنت رافضي ملعون . قال : قلت : يا أمير
المؤمنين مثلك لا يمن بمعروفه ، وأما قولك إني رافضي فإن كان الرافضي من
أحب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وفاطمة وعلياً والحسن والحسين
صلوات الله عليهم أجمعين فأنا أُشهد الله وأُشهدك أني رافضي أتبعهم يا أمير
المؤمنين . قال : معاذ الله ، ثم قال : ما أحسبنا إلا روعناك ، هاتوا
بـدرة ، فأتوا بـدرة ، فدفعت إليّ ، فحملها على عنقي ، فلما خرجت قال لي
الربيع : كيف رأيت ؟ قال : قلت : إذا شئت فعد . (1)
|
6- البخاري صاحب الصحيح
ومكانته
ومقامه عند السنة أو ضح من أن يحتاج إلى بيان ، فكل من احتج به فهو ثقة
عدل عندهم ، وهو من أئمتهم وفقهائهم المعروفين ، ويكفيك أنّ كتابه عندهم
أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل ، ومع هذا لم يسلـم مـن الطعـن الشـديـد مـن
قبـل بعـض أئمة الجـرح والتعديـل المعتمـديـن عندهم ، وقد تكلم فيه عدة
منهم :
أ- محمد بن يحيى الذهلي
وقد اتهم الذهلي البخاري بالابتداع والانحراف لما نسبه إليه من أنه كان يقول بخلق القرآن الكريم ، ومن جملة ما نقل عنه بهذا الشأن :
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 57
|
1- ما
ذكره الخطيب في تاريخه حيث قال : أخبرنا أبو سعيد محمد بن حسنويه بن
إبراهيم الأبيوردي ، قال أنبأنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون ، قال :
سمعت أبا حامد الشرقي يقول : سمعت محمـد بن يحيى يقول :القران
كلام الله غير مخلوق من جميع جهاته ، وحيث يتصرف فمن لزم هذااستغنى عن
اللفظ وعما سواه من الكلام في القران ، ومن زعم أن القران مخلوق فقد
كفروخرج عن الإيمان وبانت منه امرأته يستتاب ، فان تاب وإلا ضربت عنقه وجعل
ماله فيئابين المسلمين ولم يدفن في مقابر المسلمين ، ومن وقف وقال لا أقول
مخلوق أو غيرمخلوق فقد ضاهي الكفر ومن زعم أن لفظي بالقران مخلوق فهذا
مبتدع لا يجالس ولا يكلم، ومن ذهب بعد مجلسنا هذا إلى محمد بن إسماعيل
البخاري فاتهموه فإنه لا يحضر مجلسهإلا من كان على مثل مذهبه . (1)
سند الخبرالمتقدم
سند الخبرالمتقدم
|
58 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
رواة الخبر هم:الأول : محمدبن حسنويه بن إبراهيم أبو سعيد الأشكيبي الأبيوردي . قال بشأنه الخطيب : وكان ثقة ،ووصفه بالفقيه (1) .
الثاني
: محمد بن عبد الله بن حمدون ، أبو سعيد النيسابوري . قال بشأنه السبكي :
الزاهد ، العالم ، أحد الصالحين ، وقال أيضاً : وانتفع به الخلق علماً
وديناً (2) .
الثالث : أحمد بن محمد بن الحسن ، النيسابوري ، أبو حامد الشرقي أحد الحفاظ المشهورين ، قال بشأنه الذهبي : الإمام الحافظ الحجة (3) . وقال أيضاً : الإمام ، العلامة ، الثقة ، حافظ خراسان (4) .
وأما
محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري والذي طعن في البخاري بما تقدم فهو من
ائمة السنة المشهورين وأعلامهم الثقات المعروفين عندهم ، قال بشأنه الخطيب
في تاريخه : وكان أحد الأئمة العارفين (5)
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 59
|
والحفاظ
المتقنين والثقات المأمونين صنف حديث الزهري وحده ، وقدم بغداد وجالس
شيوخها وحدث بها وكان أحمد بن حنبل يثني عليه وينشر فضله وقد حدث عنه جماعة
من الكبراء (1) ، وقال أبو سعد السمعاني بشأنه : إمام نيسابور في عصره ،
ورئيس العلماء ومقدمهم (2) ، وقال أحمد بن حنبل : لو أنّ محمد بن يحيى
عندنا لجعلناه إماماً في الحديث (3) ، وقال إبن أبي حاتم : وهو ثقة صدوق ،
إمام من أئمة المسلمين ، وقال أبو حاتم : محمد بن يحيى الذهلي إمام أهل
زمانه ، وقال أبو بكر بن أبي داود : وكان أمير المؤمنين في الحديث (4) ،
وقال النسائي : ثقة ، ثبت ، أحـد الأئمـة في الحديث ، وقال إبن خزيمـة :
إمام أهل عصره بلا مدافعة (5) .
ب- أبو زرعة الرازي
عبيد
الله بن عبد الكريم ، القرشي ، المخزومي . أحد ائمة الحديث المشهورين عند
السنـة ، قال بشأنـه الذهبي : الإمام ، سيـد الحفـاظ ، وقـال :
|
60 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
محدث الري (1) .
وقد
ترك حديث البخاري تبعاً للذهلي ، قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل
أثناء كلامه عن البخاري (2) : سمع منه أبي وأبو زرعة ، ثم تركا حديثه
عنـدما كتب إليهما محمـد بن يحيى النيسابـوري أنه أظهر عنـدهم أنّ لفظه
بالقرآن مخلوق .
ج- أبو حاتم الرازي
محمد
بن إدريس الحنظلي ، أحد ائمة الحديث المشهورين عند السنة ، قال بشأنه
الذهبي في النبلاء : الإمام الحافظ ، الناقد ، شيـخ المحـدثين ، وقال أيضاً
: وهو من نظراء البخاري ومن طبقته ، ولكنه عمّر بعده أزيد من عشرين عاماً .
وقال أيضاً : وكان من بحور العلم ، طوّف البلاد ، وجمع في المتن والإسناد ،
وجمع وصنف ، وجرح وعدل ، وصحح وعلل (3) .
وقد تقدم أنه ترك حديث البخاري بسبب تهمة البخاري بما يكون موجباً للانحراف العقائدي في نظره .
|
7- الحافظالدارقطني
أبو
الحسن علي بن عمر بن أحمد ، أحد ائمة الحديث المشهورين عند السنة ، قال
بشأنه أبو بكر الخطيب : كان فريد عصره ، وقريع دهره ، ونسيج وحده ، وإمام
وقته ، انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بعلل الحديث ، وأسماء الرجال وأحوال
الرواة ، مع الصدق والأمانة ، والفقه والعدالة ، وقبول الشهادة ، وصحة
الاعتقاد ، وسلامة المذهب ، والإضطلاع بعلوم سوى الحديث منها القرآن (1) .
وقـال
الحـاكم : صار الـدارقطني أوحـد عصره في الحفـظ والفهم والورع وإماماً في
القرآء والنحويين ، وفي سنة سبع وستين أقمت ببغداد أربعة أشهر وكثر
اجتماعنا بالليل والنهار فصادفته فوق ما وصف لي ، وسألته عن العلل والشيوخ ،
وله مصنفات يطول ذكرها ، وأشهد أنه لم يخلف على أديم الأرض مثله (2) .
ومع
مكانته العالية عند السنة اتهم بالتشيع الذي يعد عندهم من المطاعن ، قال
الخطيب في تاريخه : وسمعت حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق يقول : كان أبو
الحسن الدارقطني يحفظ ديوان السيد الحميري في جملة ما يحفظ من الشعر ، فنسب
إلى التشيع لذلك (3) .
|
9- محمد بن جرير الطبري
أبو
جعـفر ، الآملي ، البغـدادي ، أحد ائمـة السنـة المعروفين والمشهورين مصنف
كتاب التفسير وكتاب التاريخ وغيرهما ، قال أبو بكر الخطيب (1) : وكان أحد
الأئمة العلماء ، يُحكم بقوله ، ويُرجع إلى رأيه ، لمعرفته وفضله وكان قد
جمع من العلوم ما لم يُشاركه فيه أحد من أهل عصره ، وكان حافظاً لكتاب الله
، عارفاً بالقراءآت ، بصيراً بالمعاني ، فقيهاً في أحكام القرآن ، عالماً
بالسنن وطـرقـها ، وصحيحها وسقيـمها ، وناسخـها ومنسوخها ، عارفاً بأقوال
الصحابة والتابعين الخ .
وقال
الفرغاني : كـان محمد بن جرير ممن لا تأخذه في الله لومة لائم ، مع عظيم
ما يلحقه من الأذى والشناعات ، من جاهل أو حاسد ، أو ملحد ، فأما أهل العلم
والدين فغير منكرين علمه ، وزهده في الدنيا ، ورفضه لها الخ . (2)والكلمات بشأنه في غاية الكثرة .
|
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .......................................................................... 63
|
ومع
مكانته ومنزلته الرفيعة عندهم إلا أنه اتهم بالرفض على حد تعبيرهم ، والذي
يعتبرونه من البدع والانحرافات الكبرى ، يقول الذهبي : محمد بن جرير بن
يزيد الطبري ، الإمام الجليل ، المفسر ، أبو جعفر ، صاحب التصانيف الباهرة ،
مات سنة عشر وثلثمائة ، ثقة ، صادق ، فيه تشيع يسير وموالاة لا تضر ، أقذع
علي بن السليماني الحافظ فقال : كان يضع للروافض ، كذا قال السليماني ،
وهذا رجم بالظن الكاذب ، بل ابن جرير من كبار ائمة الإسلام المعتمدين ، وما
ندعي عصمته من الخطأ ، و لا يحل لنا أنْ نؤذيه بالباطل والهوى ، فإنّ كلام
العلماء في بعض ينبغي أنْ يتأنى فيه ، ولاسيما في مثـل إمام كبير ، فلعل
السليماني أراد الآتي محمـد بن جرير بن رستم أبو جعفر الطبري ، رافضي له
تواليف الخ . (1)
وقال
ابن كثير : ودفن في داره ، ونسبوه إلى الرفض ، ومن الجهلة من رماه
بالإلحاد ، وحاشاه من ذلك كله ، بل كان من ائمة الإسلام علماً وعملاً بكتاب
الله وسنة رسوله (ص) ، وإنما تقـلدوا ذلك عن أبي بكر محمد بن داود الفقيـه
الظاهـري ، حيث كـان يتكلم فيـه ، ويرميـه بالعظائم والرفض . (2)
|
10- الحافظ النسائي
أبو
عبد الرحمن أحمد بن شعيب القاضي ، صاحب كتاب السنن ، وهو من الصحاح الستة ،
أحد ائمة السنة المشهورين ، ومقامه عندهم أوضح من أنْ يحتاج إلى بيان ،
ومع ذلك نسبه غير واحد إلى التشيع الذي يعد عندهم من البدع . (1)
وممن
نسبه لذلك الذهبي حيث قال فيـه : وهـو جـار في مضمار البخاري وأبي زرعة ،
إلا أنّ فيه قليل تشيع وانحراف عن خصوم الإمـام علي (ع) كمعاوية وعمرو ،
والله يسامحه . (2)
وقال
الدار قطني في النسائي : النسائي أفقه مشائخ مصوفي عصره ، وأعرفهم بالصحيح
والسقيم وأعلمهم بالرجال ، فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه فخرج إلى الرملة ،
فسئل عن فضائل معاوية ، فأمسك عنه فضربوه في الجامع فقال : أخرجوني إلى مكة
، فأخرجوه وهو عليل وتـوفي مقتولا شهيداً . (3)
وقال أبو بكر المأموني عن النسائي : سألته عن تصنيفـه كتاب الخصائص ؟
فقال : دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي (ع) كثير وصنف كتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله ، ثم صنف بعد ذلك كتاب فضائل الصحابةوقرأها على الناس . وقيل له وأنا : حاضر ألا تخرج فضائل معاوية ؟ فقال : أي شيءأخرج اللهم لا تشبع بطنه ؟ وسكت ، وسكّت السائل . (4)
فقال : دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي (ع) كثير وصنف كتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله ، ثم صنف بعد ذلك كتاب فضائل الصحابةوقرأها على الناس . وقيل له وأنا : حاضر ألا تخرج فضائل معاوية ؟ فقال : أي شيءأخرج اللهم لا تشبع بطنه ؟ وسكت ، وسكّت السائل . (4)
|
11- الحافظ الطبراني
سليمان بن أحمد ، الشامي ، أبو القاسم ، اللخمي.أحد
ائمة الحديث المعروفين عند السنة ، ومصنفاته في غايةالاشتهار كالمعاجم
الثلاثة الكبير والأوسط والصغير ومسند الشاميين وغيرها . قالبشأنه ابن
الجوزي : كان سليمان من الحفاظ والأشداء في دين الله تعالى ، وله
الحفظالقوي والتصانيف الحسان . (1) وكلماتهم بشأنه كثيرة .
ومع
ذلك طعن عليه بعض الحفاظ ، قال أحمد الباطرقاني : دخل ابن مردويه بيت
الطبراني وأنا معه ، وذلك بعد وفاة ابنه أبي ذر لبيع كتب الطبراني فرأى
أجـزاء الأوائل بها فاغتم لـذلـك وسب الطبراني ، وكـان سيء الـرأي فيه .
(2)
وقال
الذهبي : لينه أبو بكر بن مردويه لكونه غلط أو نسي ، فمن ذلك أنه وهم وحدث
بالمغازي عن أحمد بن عبد الرحيم ابن البرقي ، وإنما أراد عبد الرحيم أخاه
فتوهم أنّ شيخه عبد الرحيم اسمه أحمـد ، واستمـر على هذا يروي عنه ويسميه
أحمد . (3)
|
66 ........................................ تقييم الاتهامات الصادرة بشأن الرواة في كلمات علماء الجرح والتعديل
|
وقال
أبو عبد الله الحاكم : وجدت أبا علي النيسابوري الحافظ سيء الرأي في أبي
القاسم اللخمي ، فسألته عن السبب ، فقال : اجتمعنا في باب أبي خليفة ،
فذكرت له حديث : ( أمرت أنْ أسجـد على سبعة أعضاء ) فقلت له : يُحفظ عن
شعبة ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن طاوس ، عن ابن عباس . قال : بلى ، رواه
غندر وابن أبي عدي ، قلت : من عنهما ؟ قال : حدثناه عبد الله بن أحمد ، عن
أبيه ، عنهما ، فاتهمته إذْ ذاك ، فإنه ما حدث به غير عثمان بن عمر عن شعبة
. (1)
وهـذا
هـو حال الأئمـة وكبار الحفـاظ حيث طعنوا بما رأيت من الطعون البالغة
والاتهامات الخطيرة ، مع موافقة من طعنهم في غالبية المعتقدات ، فكيف إذا
إتسعت رقعة الخلاف ، وكيف يكون الحال عند حصول الإختلاف المذهبي ، ومنه
يتضح أنه لابد من التوقف في كثير من طعونهم وتهمهم للرواة ، فإنّ لهم في
كثير من الموارد مبالغات مفرطة ، ورجم بالغيب لا أساس له من الصحة سوى
دواعي الهوى أو العصبية ، ولعمري من كان هذا حاله كيف يمكن الاعتماد عليه
؟!! .
|
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire